صعدة برس - وكالات - شنت حركة طالبان اليوم الأربعاء، أول هجوم على مدينة كبرى هي عاصمة ولاية بادغيس في شمال غرب أفغانستان منذ بدأت هجوماً على القوات الحكومية فيما يشارف انسحاب القوات الأمريكية من البلاد على نهايته.
أتى هذا التطور فيما تستضيف طهران "لقاء أفغانياً" بين ممثلين عن حكومة كابول وحركة طالبان.
احتدام القتال
واندلع قتال عنيف في مدينة قلعة نو التي يقطنها 75 ألف نسمة وعاصمة ولاية بادغيس بعدما هاجم المسلحون كل الأقاليم المحيطة بالولاية واستولوا على مقار الشرطة والمكاتب المحلية لوكالة الاستخبارات.
وقال وزير الدفاع الأفغاني باسم الله محمدي، "نقر بأن الحرب تحتدم ونحن في وضع عسكري حساس جداً"، مضيفاً في بيان "أريد أن أطمئن الجميع بأن قواتنا الوطنية، بدعم من قوات مقاومة محلية، ستستخدم جميع قوتها ومواردها للدفاع عن وطننا وشعبنا".
وبعد الظهر، قالت وزارة الدفاع، إن طالبان "تكبدت خسائر في محاولتها الفاشلة للاستيلاء على قلعة نو". لكن استمر سماع دوي إطلاق نار في أجزاء من المدينة.
يأتي ذلك بعد ساعات على إعلان واشنطن أن القوات الأمريكية أنجزت أكثر من 90% من انسحابها من أفغانستان.
ويواصل المتمردون حملتهم منذ بدأت القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي الانسحاب النهائي، وسيطروا على عدة مناطق ريفية ما أثار مخاوف بأن الحكومة الأفغانية باتت في أزمة.
لكن الهجوم على مدينة قلعة نو هو أول محاولة لحركة طالبان للسيطرة على عاصمة إحدى الولايات.
وقال حاكم بادغيس حسام الدين شمس للصحافيين في رسالة نصية، "العدو دخل المدينة، سقطت كل الأقاليم. القتال بدأ داخل المدينة". من جهته، أكد رئيس مجلس ولاية بادغيس عبد العزيز بك وعضو المجلس ضياء غول حبيبي أن القتال بين طالبان والقوات الحكومية اندلع داخل المدينة. وقال بك، "القتال مستمر في مختلف أنحاء المدينة الآن" مضيفاً أن بعض مسؤولي الأمن استسلموا لطالبان خلال الليل.
من جانبها قالت حبيبي، إن حركة طالبان دخلت مقر الشرطة في المدينة والمكتب المحلي لوكالة الاستخبارات الأفغانية "مديرية الأمن الوطني". وأضافت أن "مسؤولي مجلس الولاية فروا الى معسكر للجيش في المدينة والقتال مستمر في المدينة".
في رسالة فيديو منفصلة إلى الصحافيين، حاول شمس تهدئة مخاوف سكان المدينة. وقال "رسالتي لكم: حافظوا على هدوئكم. أؤكد لكم أننا سندافع جميعا عن المدينة". مع ورود أنباء عن الهجوم، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلات فيديو للقتال أظهر بعضها مقاتلي طالبان على دراجات نارية يدخلون مدينة قلعة نو فيما كان الحاضرون يصفقون.
وقالت حبيبي في وقت لاحق، إن الوضع يستقر لكن القتال مستمر. وأكدت أن "المدينة ليست بصدد السقوط، لكن عناصر طالبان ما زالوا في المدينة والطائرات تقصف مواقعهم، مضيفة أن الجيش نشر طائرات مسيرة لضرب المتمردين.
وقال أحد أهالي قلعة نو ويدعى عزيز تواكيل، "الجميع أصيبوا بالفزع عندما سمعوا أن طالبان دخلت المدينة". وأضاف "كنا نسمع أصوات إطلاق نار وانفجارات...المروحيات والطائرات تحلق فوق المدينة ويمكن أن نرى أنها تقصف أحيانا بعض المناطق.
بعد ساعات على الهجوم، قالت وزارة الدفاع إنها طهرت "معظم أجزاء" المدينة. وكتب المتحدث باسم وزارة الدفاع فؤاد أمان على تويتر "في الساعات القليلة القادمة، جميع أجزاء المدينة ستكون قد نُظفت".
من جانبه غرّد نائب الرئيس أمر الله صالح قائلاً، إن جثث "العشرات" من مقاتلي طالبان كانت ممدة في الطرق. وأضاف "أطالب الصليب الأحمر الموقر ومنظمات أخرى بنقل الجثث ... الطقس حار ولا نؤيد تدنيس الجثث".
محادثات رفيعة المستوى
وأظهر تسجيل فيديو عناصر من طالبان يطلقون سراح معتقلين من سجن في المدينة. لكن الحاكم شمس قال في وقت لاحق إنه أعيد اعتقال معظمهم. تزامن القتال مع محادثات رفيعة المستوى في طهران حيث التقى وفد من الحكومة الأفغانية ممثلين عن طالبان، كما أعلنت الخارجية الإيرانية.
وافتتح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف "لقاء أفغانياً" بين ممثلين عن حكومة كابول وطالبان، على ما أظهر مقطع مصور مقتضب نشرته الوزارة. وقبل أكثر من شهرين من الموعد الذي حددته واشنطن لإنجاز انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان في 11 سبتمبر (أيلول)، دعا ظريف "شعب أفغانستان وقادتها السياسيين إلى اتخاذ قرارات صعبة لمستقبل بلادهم".
وإيران قلقة جداً من الوضع في أفغانستان المجاورة التي لها حدود مشتركة طويلة معها وهي تستضيف ملايين اللاجئين الأفغان منذ سنوات. وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، إن ظريف أسف "للنتائج السلبية لتواصل النزاع في أفغانستان ودعا الطرفين إلى العودة إلى طاولة المفاوضات".
الأسبوع الماضي غادرت كل القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي قاعدة باغرام الجوية قرب كابول- مركز قيادة العمليات ضد طالبان- لتختتم بذلك تدخلاً عسكرياً استمر 20 عاماً في هذا البلد، بدأ بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة.
على مدى أشهر كانت طالبان تنتشر في محيط عواصم عدة ولايات في مختلف أنحاء البلاد فيما كان مراقبون يتوقعون أن المسلحين ينتظرون استكمال انسحاب القوات الأجنبية قبل أن تأمر بمهاجمة المدن. وفي حال سقوط ولاية بادغيس، فإن ذلك سيشدد قبضة طالبان على غرب أفغانستان فيما تقدمت قواتها أيضاً بعض الشيء في اتجاه مدينة هرات المجاورة قرب الحدود مع إيران.
وقال الخبير في الشؤون الأفغانية نيشانك مطواني، إنه إذا سيطرت طالبان على قلعة نو فان ذلك "ستكون له قيمة استراتيجية لأنه سيخلف أثراً نفسياً على القوات الأفغانية بفقدان أراض سريعاً مثل لعبة الدومينو أمام قوة لا يمكن وقفها".
على مر السنوات، أطلقت طالبان هجمات على عواصم ولايات في مختلف أنحاء البلاد وسيطرت لفترات وجيزة على مناطق حضرية قبل أن تطرد منها أمام الضربات الجوية الأمريكية وبضغط من القوات البرية الأفغانية.
24 - أ ف ب
|