- حرب عالمية.. مع وقف التنفيذ..

السبت, 13-أغسطس-2022
صعدة برس - وكالات -
تهديدات في كل مكان وتصعيد سياسي وحشد العسكري في مناطق الصراع بالعالم …

“الغيوم التي انقشعت بعد نهاية الحرب الباردة بدأت تتلبد مرة أخرى.

لقد ظل الحظ يحالفنا بصورة استثنائية حتى الآن، لكن الحظ ليس استراتيجية”.

“الحظ ليس درعاً واقياً من التوترات الجيوسياسية التي قد تتحول إلى صراع نووي”.

“هذا العالم تفصله عن الإبادة النووية خطوة واحدة غير محسوبة”.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كان يلقي بهذه التحذيرات في مؤتمر افتراضي لأطراف معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، الذي انعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بداية شهر أغسطس/آب 2022.

الدبلوماسي البرتغالي الذي يتحدث 5 لغات، اختار الفرنسية ليحذر بها الضمير الإنساني من نسيان الدروس المستفادة من حرائق الرعب في هيروشيما وناغازاكي.

ـ ما الذي جعل غوتيريش يطلق هذا “النداء الأخير” لإنقاذ العالم؟

إنها التوترات الجيوسياسية التي وصلت مستويات عالية جديدة. والمنافسة التي تتفوق على التعاون والتعاضد.

ـ ها هي الدول تسعى للحصول على أمن زائف من خلال تخزين وإنفاق مئات المليارات من الدولارات على أسلحة الفناء النووي المنذرة بنهاية العالم، والتي لا مكان لها على كوكبنا.

ـ ها هو العالم ينام وفي أحضانه ما يقرب من 13 ألف سلاح نووي تنتظر ضغطة الزر المجنونة لتدمير كل شيء.

ـ هل الحروب الكبيرة قدر محتوم لا يمكن تفاديه؟

بعد كارثة الحرب العالمية الثانية توقفت الدول قليلاً عن الغزوات الدامية لاحتلال أراضي دولة أخرى، باستثناءات قليلة مثل غزو الكويت.

هذا المبدأ الراسخ يتعرض لاختبار عنيف الآن مع الحرب الروسية في أوكرانيا، خاصة إذا كانت روسيا تنوي ابتلاع أوكرانيا كاملة، فإن دولاً أخرى ستسير على الدرب نفسه وتبدأ في استخدام القوة لتغيير الحدود الدولية.

وستنشب حروب.

وتسعى إمبراطوريات سابقة إلى استعادة مجدها.

وسيزيد عدد الدول التي تواجه خطر المحو من الخارطة كما نعرفها اليوم.

إلى أين تأخذنا مظاهر التسلح المجنون التي تجتاح مناطق التوتر في القارات القديمة الثلاث؟ وهل يمكن أن تُطلق ذات يوم شرارة حرب عالمية ثالثة، تتورط فيها أطراف قريبة وبعيدة؟ هذا التقرير محاولة للإجابة.

*الحروب الدامية .. هي التي رسمت حدود هذا العالم بالقوة

بين بدايات القرن الـ19 ومنتصف القرن العشرين، اختفت دولة من الوجود كل 3 سنوات في المتوسط.

وعانت رُبع دول العالم من الموت العنيف في مرحلة ما من تاريخها؛ إذ غزت جيوش أعدائها عواصِمَها، وضُمَّت أراضيها إلى إمرة الدول الغازية.

أذنت نهاية الحرب العالمية الثانية بميلاد عصر جديد، وعلى مدار العقود التالية انحسرت الغزوات التوسُّعية، ورُغم أنها لم تنقشع بالكُلية، كما يثبت احتلال إسرائيل لمناطق عدة في جوارها.

لكن بقي هناك نوع من الاحتلال يشبه “الموت العنيف” للدول، مثل غزو الولايات المتحدة للعراق وأفغانستان قبل عقدين، حسب تقرير لصحيفة Foreign Affairs الأمريكية.

فور انتهاء الحرب الأولى، أسست جامعة ويلز البريطانية عام 1919 قسماً لدراسة علم العلاقات الدولية بهدف الإجابة على السؤال الصعب: لماذا يحتاج البشر إلى الحروب من وقت إلى آخر؟

*وهل هي قدر لا فرار منه؟

خلال أكثر من قرن انقسمت آراء المنظّرين على عدة مستويات، فذهب أساتذة الواقعية الكلاسيكية إلى تفسير الحرب باعتبارها تجلياً لطبيعة النفس البشرية المتعطّشة للقوة والسلطة.

وأرجع مفكرو اليسار الحربَ إلى رغبة الدول الرأسمالية في التوسع الإمبريالي والسيطرة على ثروات الشعوب، وتكوين حكم نخبوي لرأس المال.

في النصف الثاني من القرن العشرين، برز توجُّه جديد نحو دراسة العلاقات الدولية بالاستعانة بنظرية الأنظمة (Systems Theory)، وإرجاء الحروب إلى بنية النظام الدولي وما تفرضه من خيارات على الدول.

غياب السلطة المركزية عن النظام الدولي يجعل كل دولة في حالة اعتماد على الذات لحفظ أمنها.

فارق القوة بين الدول يصبح معيار قيمتها.

الدول الكبرى إذاً هي من تمتلك الأفضلية في النظام، وتسعى إلى فرض سيطرتها وسلطتها على باقي الدول لتأمين مصالحها.

تتسابق الدول الكبرى على رفع قدراتها العسكرية وبسط نفوذها الجيوسياسي بالمقارنة فيما بينها.

يتقاسم الكبار السيطرة، ويعقدون الصفقات التي تتم حسب قواعد توازن القوى Balance of Power.

كلّما كان عدد القوى الكبرى أقل كان فارق القوة بينها هامشياً، وهو ما قد ينطبق على عالم اليوم، الذي يقوده الغرب شكلياً، بينما تصعد الصين وروسيا بسرعة فائقة نحو قيادة الاقتصاد والسياسة في العالم.

فبينما تقف الدول على أكفّ مختلفة للميزان المستقر، تنقلب الأوضاع رأساً على عقب إذا حاولت أية دولة تحسين ظروفها.

يضطرب الميزان طبقاً للنظرية، وتصبح الدولة “المتحركة” مصدر تهديد للدول الأخرى، فتنشأ بذلك “معضلة أمنية” (Security Dilemma) وحلقة مغلقة قد تنتهي بانهيار الميزان وصدام الدول الكبرى.

ما نتحدث عنه ليس مجرد نظرية، فقد حدث بالفعل عشرات المرات.

وهو السيناريو الذي شهدته أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر، وانتهى باندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914.

كاليفي جاكو هولستي (مواليد 1935)، عالم سياسي كندي من أصل فنلندي، دخل تاريخ الدراسات السياسية بدراسة شهيرة، قدّم فيها أفضل خريطة لفهم الحروب الدولية خلال الفترة الممتدة من عام 1648 وحتى عام 1989، بالتزامن مع سقوط الاتحاد السوفييتي.

في السطور التالية أهم العوامل المشتركة بين الحروب، والأسباب التي تدفع البشر لاتخاذ قرار الحرب عبر القرون.

*التوسع الجغرافي

العامل المشترك لأغلبية الحروب على مدار هذه الفترة كان الاستحواذ على الأرض أو نشر النفوذ، أو لأسباب استراتيجية مرتبطة بالأرض. ولقد مثل ذلك ما يقرب من 34% من الأسباب المؤدية لاندلاع الحروب خلال الفترة بين عامي 1648 و1814.

انحدرت هذه النسبة لتصل لقرابة 8% خلال حقبة «الحرب الباردة».

هو ما يعني أن عامل التوسع الجغرافي بدأ يقل تدريجياً مع انخفاض نسبة الحروب الدولية أخيراً، ويرجع ذلك في التقدير إلى أن في العالم اليوم حدوداً دولية معروفة تحظى بالاعتراف والاحترام الدوليين، ومن ثم ما عاد عنصر الأرض يشكّل سبباً قوياً في الحروب الحديثة.

*تحقيق مكاسب اقتصادية

القتال في العصور السحيقة للسطو على الماشية والمرعى، أصبح من أجل مواد ثمينة مثل الذهب والفضة، ثم النفط لاحقاً. يتوقع الباحثون أن تشتد ضراوة المنافسة للحصول على موارد ومعادن نادرة في العقود المقبلة، ما يعني المزيد من الحروب.

*التجارة والاستيلاء على الثروات

مثّل عامل التجارة والاستحواذ على الطرق التجارية الدولية قرابة 15% من الأسباب.

بمرور الوقت أصبحت هذه النسبة منعدمة مع تطور الظروف الدولية، وإقرار مبدأ حرية التجارة الدولية، وانتهاء السيطرة على الطرق الدولية للتجارة.

*الصراعات الدينية والأيديولوجية

هناك حروب دينية أو فكرية أو أيديولوجية، إلا أن غالبيتها في الحقيقة لا يخلو من كونها عنصراً واحداً فقط ضمن تركيبة أسباب مختلفة تؤدي للحرب.

وأغلب هذه الأحيان يكون الشكل هنا على حساب المضمون، فمعظم الحروب الأيديولوجية اندلعت لوجود أسباب أخرى مهمة وراء اندلاعها.

الحروب الصليبية التي وصفها المؤرّخون المسلمون بـ”حروب الفرنجة” كانت أسبابها سياسية وتوسعية وتجارية أكثر منها متصلة بالدين.

ما كان الدين إلا غلالة تستر أهداف الملوك والأمراء من وراء تلك الحروب التي أعلنتها كنيسة روما على الإسلام.

*تصاعد النزعة القومية

تعني القومية في هذا السياق محاولة إثبات التفوق على بلد آخر بالقهر، وكانت النازية والفاشية أسوأ أنواع القوميات المتطرفة.

هناك أيضاً أسباب أخرى للحروب، مثل الانتقام من هزيمة سابقة، والحروب الأهلية بسبب الصراع على الموارد أو الاحتجاج على غياب العدالة بين الطوائف أو الأعراق.

هناك حروب أخرى عرفتها البشرية رفعت رايات الثورة وبشرت بنظم سياسية واجتماعية جديدة، وأخيراً هناك الحروب الدفاعية التي تضطر إليها دولة تتعرض للهجوم.

* سباق التسلح المحموم .. في مناطق الصراع الساخنة
يحدث الآن على سطح الكوكب أخطر وأسرع سباق تسلح عالمي في التاريخ.

بعد أن تساوت الرؤوس في امتلاك المقذوفات النووية، تحول السباق إلى وسائط نقل هذه الأسلحة.

بعد مرور 30 عاماً على نهاية الحرب الباردة، تنفق الولايات المتحدة مئات المليارات من الدولارات على ما يُعرَف بـ”الثالوث النووي”:

نُسَخ القرن الحادي والعشرين من القاذفات الإستراتيجية.
الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية.
والصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
وتطوِّر الصين وروسيا والولايات المتحدة أنواعاً جديدة من الصواريخ الباليستية الأسرع من الصوت، التي تناور بسرعة تفوق سرعة الصوت 5 مرات.

والتقدم التكنولوجي في مجال صناعة الأسلحة يجعل ما يجري يشبه كابوساً عن دمار العالم.

الأنظمة النووية الحديثة تتضمَّن شبكة واسعة من الأقمار الصناعية، وأجهزة الاستشعار بما فيها الطائرات المُسيَّرة المحمولة، وأنظمة الكمبيوتر التي يجري باستمرار تطويرها وإصلاحها وتحديثها.

لعل التغيير الأكبر للردع النووي هو ظهور أنواع جديدة من الأسلحة الأسرع من الصوت.

فعلى عكس الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في حقبة الحرب الباردة، تُعَد الفئة الجديدة من الأسلحة الأسرع من الصوت صواريخ مُوجَّهة، ما يتيح استهداف مساحة أعمق بكثير باستخدام صاروخ واحد، ويجعل الدفاع في مواجهة مثل هذه الصواريخ أمراً بالغ الصعوبة.

* شرق آسيا: تايوان مركز التصعيد بين الصين والغرب
التوتر في مضيق تايوان بين بكين وتايبيه وصل إلى ذروته مؤخراً، خاصة بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان.

هذا التوتر هو السبب المباشر في التركيز الدولي على سباق التسلح القائم في المنطقة منذ سنوات، إذ إن صراعات شرق وجنوب آسيا تتخطى مضيق تايوان جغرافياً وتاريخياً.

سجلت الصين في السنوات الأخيرة قفزات نوعية هائلة في تطوير الأسلحة الحديثة، بدءًا من المركبات والصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، إلى الطائرات دون طيار، وصولاً إلى الاتصالات الكمومية.

كما اختبرت المدمرات الصينية صواريخ باليستية تفوق سرعتها سرعة الصوت في أوائل عام 2022، وتحمل المزيد من الصواريخ، وهي أكثر قدرة على التخفي وتستخدم أنظمة رادار مزدوجة النطاق توفر مزايا متقدمة جداً على منافستها الأمريكية.

وتستعد الصين حالياً لإدخال ثالث حاملة طائرات إلى الخدمة، قادرة على تنفيذ إقلاع الطائرات في زمن يضاهي نظيراتها من حاملات الطائرات الأمريكية، وهو ما يراه كثير من الخبراء العسكريين دليلاً آخر على السرعة القياسية التي تتطور بها القدرات العسكرية للصين.

يتابع الغرب هذه الأنباء بقلق، وتُخضعها وسائل الإعلام الأمريكية للمبالغة على طريقة شبكة CNN الأمريكية في تقريرها “عسكرة آسيا الهادئة تهدد بتحويل المنطقة إلى برميل بارود”.

قالت الشبكة إن “التطور السريع في قدرات الصين العسكرية يضع المنطقة كلها على حافة الهاوية ويصيب جيرانها بالقلق الشديد، فيفتحون خزائنهم للتسليح بصورة غير مسبوقة”.

وهكذا انطلق سباق تسلح “هادئ” في المنطقة، وحذر الخبراء من أن أي حسابات خطأ قد تؤدي إلى صراع مفتوح في منطقة تعج بالتنافس والصراع بين شعوبها منذ قديم الأزل.

في شرق آسيا، تقوم اليابان وكوريا الجنوبية بتحديث جيوشها كرد فعل على ما تعتبره تهديدات من جانب الصين وكوريا الشمالية.

ترسم هذه المشاهد جميعاً صورة مرعبة لما يمكن أن يحدث إذا ما انفجرت الأوضاع وخرجت عن السيطرة. وهذا ما عبَّر عنه مالكوم دافيس المحلل البارز في معهد السياسات الاستراتيجية الأسترالي، بقوله إن المنطقة تواجه “معضلة أمنية” تتمثل في مواجهة جيوسياسية تقوم فيها الدول بتسليح نفسها كرد فعل لتسليح الجيران أنفسهم.

* كتب نعوم تشومسكي الفيلسوف والناشط السياسي الأمريكي عن (الصين خطر على أمريكا لمجرد أنها موجودة) حيث قال: من المفترض أن تكون الصين هي التهديد الأكبر، ويجدر بنا النظر عن كثب ورؤية ما هو التهديد الصيني بالضبط. هناك الكثير من الأشياء التي يجب إدانتها حول السلوك الصيني.

هناك قمع داخلي في الصين، وهو أمر قاسٍ للغاية في المقاطعات الغربية.

هناك تحركات صينية لتأكيد السيطرة شبه الكاملة على هونج كونج.

كما قامت الصين بتعزيز دفاعاتها العسكرية في الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، والذي يعد انتهاكاً للقانون الدولي.

الولايات المتحدة ليست في وضع قوي للاعتراض على ذلك، لأنها القوة البحرية الوحيدة التي لم تصدّق على قانون اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار وترفضه.

الصين موجودة ولن تنفذ الأوامر الأمريكية، على عكس أوروبا، التي تنفذ مطالب الولايات المتحدة.

عندما تفرض الولايات المتحدة عقوبات على إيران، تعارضها أوروبا، لكنها تطيعها في النهاية. أوروبا تطيع الأوامر الأمريكية، بينما ترفضها الصين.

لا يمكن تخويف الصين، على عكس الآخرين. لذلك يوجد تهديد الصين.

إن تهديد الصين ببساطة هو وجودها، وهو ما لا تقبله الولايات المتحدة إذا أرادت أن تهيمن على العالم بأسره.

علاقة الولايات المتحدة والصّين اليوم تهوي في سقوط حر، فلقد تأزمت العلاقات الاقتصادية بسبب الحرب التّجارية التي شنّتها إدارة ترامب، والتي طالت الواردات وشركات التكنولوجيا الصينية وكل ما هو Made in China.

لن ينتهي الصراع إلا بقبول واشنطن بالتوقُّف عن التدخُّل في الشؤون الداخلية للصين، وتخلي الصين عن هدفها المُتمثِّل في التحوُّل إلى قوة مهيمنة إقليمية في شرق آسيا.

إذاً، لن ينتهي الصراع.

* شبه القارة الهندية.. سباق تصنيع الصواريخ البالستية
“الفقراء المضطهدون يدفعون ثمن الهوس بالأسلحة النووية”.

تشرح هذه العبارة الحزينة حقيقة ما يجري على أرض شبه القارة الهندية منذ عقود.

أجرت باكستان وجارتها الهند تفجيرات نووية عام 1998، ومنذ ذلك الحين، تعملان على تطوير المخزونات الأسرع تنامياً من الرؤوس الحربية النووية ونظام إطلاق الصواريخ.

وشهدت الفترة الأخيرة سلسلة من تجارب الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية.

الصاروخ الباليستي الباكستاني غزنوي حتف 3، يصل مداه إلى 290 كيلومتراً.

اختبرت الهند صاروخاً محلياً ينتمي لمنظومة دفاع صاروخية أرض – جو.

قبلها نجحت تجربة صاروخ “أغني – برايم” الذي يصل مداه إلى 2000 كيلومتر.

ترتبط تجارب تصنيع الصواريخ البالستية بمخاوف من استعمالها في توجيه ضربات برؤوس نووية صغيرة، أو محاولة الردع بمجرد امتلاكها.

* الشرق الأوسط.. المنطقة الأكثر سخونة في العالم
في الأيام الأولى لربيع 2022 احتضنت كيان إسرائيل قمة وزارية في صحراء النقب، بحضور وزراء خارجية أمريكا ومصر وإسرائيل والمغرب والإمارات والبحرين.

العنوان الذي حملته القمة الوزارية كان تشكيل “تحالف مشترك لمواجهة التحديات في المنطقة”، في إشارة إلى إيران.

في التوقيت نفسه تقريباً استضافت مدينة شرم الشيخ المصرية حدثاً غير مسبوق: قمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الصهيوني نفتالي بينيت وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

ونقلت هيئة البث الصهيونية تأكيد مصدر دبلوماسي صهيوني، لم تسمّه، أن اللقاء يتناول “المصالح الأمنية التي تتقاسمها الدول الثلاث”. وتابع المصدر: “تُعارض كيان إسرائيل والإمارات المساعي الأمريكية لشطب اسم الحرس الثوري الإيراني، من قائمة الإرهاب لإرضاء إيران”.

تنقسم دول المنطقة عسكرياً إلى فريق إيران وأصدقائها في العراق ولبنان واليمن وسوريا، مقابل فريق كيان إسرائيل وبعض الدول الخليجية.

وكتبت صحيفة “The Wall Street Journal” الأمريكية إن مسؤولين عسكريين أميركيين التقوا سراً نظراء لهم من كيان إسرائيل ودول عربية بشرم الشيخ في مارس/آذار 2022؛ لاستكشاف سبل التنسيق ضد تنامي قدرات إيران الصاروخية وذات الصلة ببرنامجها للطائرات المسيّرة، رغم نفي الإمارات لاحقاً.

إيران خطر عسكري محتمل بالنسبة للكثيرين من المملكة العربية السعودية إلى كيان إسرائيل، ورغم أنها عملياً تخضع لعقوبات ومقاطعات دولية منذ عقود، فإن لديها ما يخشاه الغرب وبعض الجيران.

نجحت إيران في تطوير التصنيع العسكري ذاتياً، وتمتلك قائمة من الصواريخ البالستية محلية الصنع، يمكن لأحدثها، وهو صاروخ خيبر شيكان أن يصل إلى إسرائيل من أي مكان إطلاق في غرب ووسط إيران.

وفي مطلع العام نشرت مجلة فورين بوليسي تقريراً للصحفي كولوم لينش، قال فيه إن إدارة جو بايدن حذرت من أن إيران على وشك إنتاج وقود يكفي لصنع قنبلة نووية.

أما كيان إسرائيل فلم تتوقف يوماً عن تحقيق تقدم في سباق التسلح الإقليمي يضمن لها مع ما تعهدت به الولايات المتحدة من التفوق العسكري النوعي الكامل في مواجهة كل خصومها الإقليميين.

في مطلع فبراير/شباط 2022، نشرت مجلة Foreign Policy الأمريكية تقريراً بعنوان “السعودية تصعّد سباق التسلح في الشرق الأوسط”، توصلت فيه إلى أن القدرات العسكرية للمملكة تطورت بشكل هائل مقارنة بإيران، وإنها قد تجبر الأخيرة على الرد.

أبرز ما رصده التقرير كان المساعدة الصينية الأخيرة للمملكة في تطوير برنامجها للصواريخ الباليستية، ما يمثل “نقطة انعطاف لا لبس فيها” من ناحية سباق التسلح في الشرق الأوسط.

وفي الفترة بين عامي 2016 و2020، بلغت حصة المملكة من واردات الأسلحة العالمية 11%، بينما لم تتجاوز حصة إيران في 5 سنوات 0.3%، والفارق خرافيّ.

السعودية حلت في الترتيب الـ20 عالمياً والخامس إقليمياً في تصنيف غلوبال فاير باور لعام 2022، لأفضل جيوش العالم.

خصصت أكثر من 45 مليار دولار للإنفاق العسكري في 2022.

* يوميات كوكب على حافة الرعب النووي..

عندما بدأت الأزمة الأوكرانية، خاف الجميع من الجحيم النووي المحتمل بين روسيا والغرب.. بين روسيا والولايات المتحدة تحديداً.

وقوف الولايات المتحدة وروسيا على ضفتَي الصراع يضع أكبر ترسانتَين نوويتَين في المواجهة.

تمتلك روسيا قرابة 6 آلاف رأس نووي وتقابلها أمريكا بحوالي 5500 رأس نووي. وحرب نووية شاملة بين الخصمين كفيلة بإحداث دمار عالمي يغيّر ملامح الإنسانية.

* لماذا لم تندلع الحرب النووية إذاً؟

لم يُستخدَم السلاح النووي إلا في هيروشيما وناغازاكي خلال الحرب العالمية الثانية، وانتشار الأسلحة النووية يوازن التهديد بين الدول ويجعل خيار الحرب مستبعدًا. لكن هناك من يرى انتشار الأسلحة النووية باباً لاستخدامها ولو على سبيل الخطأ.

صنعت الأسلحة النووية حالة من الخوف المتبادل من تبعات استخدامها، فيما يصطلح عليه بالردع النووي Nuclear Deterrence.

روسيا التي تحارب في أوكرانيا لتأمين أمنها القومي من تهديد توسع الناتو، لن يكون منطقيًاً أن تلجأ إلى سلاح يجلب لها تهديداً أكبر، وربما يقودها إلى التدمير الذاتي.

وأمريكا لن تدخل في حرب تدمير متبادل مؤكد لأجل الدفاع عن دولة لا تمثل حليفًا رئيسياً لها.

رغم ذلك يتسابق الجميع للحصول على “الرادع النووي” أكثر من التفكير في استخدامه فعلاً.

ومن أشهر أساطير القرن العشرين اصطفاف العالم في معاهدات واتفاقيات لمنع انتشار الأسلحة النووية.

ما حدث بالفعل كان المزيد من انتشار الأسلحة النووية.

كل الجهود “المنافقة” من أعضاء النادي النووي كانت تهدف فقط لمنع وصول أعضاء جدد إلى امتلاك القنبلة السحرية، لكن أحداً منهم لم يتوقف عن صناعة الرعب والردع، عبر تطوير أسلحته النووية.

والهدية السنوية التي اعتادها العالم من القوى النووية هي زيادة نفقاتها كل عام من أجل تحديث ترساناتها النووية.

أنفقت الدول التسع أعضاء النادي النووي خلال سنة 2021 أكثر من 82 مليار دولار لتطوير أسلحتها القاتلة، بزيادة تصل إلى 9%.

وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا والدعمَ الغربي لكييف، توقع معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام SIPRI تصعيداً للتوترات بين الدول التسع المسلحة نووياً في العالم. وتوقع المعهد أن تنمو الترسانة النووية العالمية في السنوات المقبلة لأول مرة منذ الحرب الباردة.

اليوم، تغيّر الخطاب وبات الخبراء يخشون من سباق دولي لامتلاك السلاح النووي خاصة بعد “حرب بوتين” على أوكرانيا دون خجل أو نفاق.

*في سؤال وجواب: حرب عالمية ثالثة؟ وهل ستكون نووية؟
■ ما هو الخط الأحمر الذي يعني تجاوزه نشوب حرب عالمية الآن؟

– إذا سيطرت روسيا على أوكرانيا، ثم قررت دخول فنلندا أو بولندا.

■ هل الحرب العالمية الثالثة بالضرورة نووية؟

– بوتين رفع حالة التأهب النووى ليقول إن أوكرانيا ليست مسألة تقليدية، وهي مرتبطة بالسلاح النووى وليست مسألة حرب تقليدية.

نعم، يمكن أن يصل الأمر لشن حرب نووية.

■ هل نحن على أعتاب نهاية العالم؟

– الحرب النووية لها مستويات، لا تتضمن تفجير العالم.

هناك حروب نووية تكتيكية باستخدام انشطارات نووية، مثل استخدام أسلحة اليورانيوم المنضب كما جرى في العراق، وهذا واحد من الأشكال النووية، وهى كثيرة وتدريجية.

من حوار مع جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية

ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً
يبدو أن الفترة السعيدة التي تلت الحرب الباردة، التي قيل خلالها إننا “نعيش في العصر الأكثر مسالمةً في وجودنا البشريّ”، وصلت إلى خواتيمها.

منذ عام 2012، قفز معدل نشوب النزاع العالمي مرة أخرى، وهو ما يتناسب مع معدل الذروة الحديث البالغ 52 في عام 2015. وفي عام 2016، تمّ تسجيل 12 حرباً أهلية، وهو العدد الأعلى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وجميعها، باستثناء نيجيريا، اندلعت في دول ذات أغلبية مسلمة من إفريقيا جنوب الصحراء حتى جنوب آسيا.

تبقى الحروب أمراً يصعب التكهّن به، لا الشرارات الأولى، ولا مدة الحروب وطرق حسمها في ساحات الوغى أو قاعات الدبلوماسية.

ويبقى الخيار العسكري أقل جاذبية، فالحرب أشبه بزلزال لا منتصر فيه، إنما خاسرون يتفاوتون في حجم خسائرهم.

لكن دواعي الحروب تتكاثف الآن في سماء الكوكب، وتنذر بحرب تتجاوز الحدود والقارات، وكل الخطوط الحمراء.

يقول فرويد إن الحرب أمر لا مفر منه، “لأن لدى البشر غريزة تدمير الذات، غريزة الموت التي يجب أن نطيعها أحياناً للبقاء على قيد الحياة”.

المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولا تعبر عن راي الموقع
تمت طباعة الخبر في: السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 01:18 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-46502.htm