- مجدي عيسى "لــ عرب جورنال" الإمارات والسعودية تقوّضان دور مصر,ومواجهة قادمة في البحر الأحمر..

الثلاثاء, 13-سبتمبر-2022
صعدة برس - وكالات -
حوار / حلمي الكمالي :
في حوار حصري تستضيف ” عرب جورنال “، المحامي المصري مجدي عيسى، أمين عام الشؤون العربية والدولية وعضو المكتب السياسي لحزب الكرامة سابقاً، لمناقشة المستجدات السياسية والإقتصادية التي تشهدها مصر خلال الآونة الأخيرة، أبرزها توقيع الحكومة المصرية وكيان الإحتلال والإتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم لتصدير الغاز إلى القارة العجوز، في ظل التحديات التي يواجهها إقتصاد البلد، إلى جانب التطرق لتداعيات نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية بموافقة “إسرائيلية”، والعديد من الملفات الأخرى.



ضغوط سعودية إماراتية وراء تراجع مصر عن دعم عودة سوريا إلى الجامعة العربية
الوضع الإقتصادي في مصر كارثي بسبب سياسات الخصخصة والإنفتاح والإقتراض
سد النهضة خطر على الوجود المصري والسوداني ويهدد الأمن القومي العربي
الشعب المصري رافض للكيان الصهيوني رغم محاولات تمرير التطبيع
مواجهة قادمة في البحر الأحمر والتحركات الصهيونية الأمريكية في باب المندب خطرا على السويس
أردوغان إنتهازي وتركيا مركز للأموال والثروات المنهوبة من سوريا والعراق وليبيا
قوى المقاومة هي الحل والمخرج والضمان لأمن المنطقة


_ عقب ‏توقيع مصر والكيان الصهيوني والإتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم لتصدير الغاز إلى ‎أوروبا .. هل هناك محاولة غربية لتقييد الدور المصري من بوابة ‎الغاز ؟ وكيف سيؤثر هذا الإتفاق على العلاقة بين القاهرة وموسكو ؟

فعلا الإتحاد الأوروبي يريد تنمية علاقاته في مجال الوقود مع مصر والعدو الصهيوني “للتخلص من اعتماده على الوقود الأحفوري الروسي”. عندما نعلم أن الكيان بدأ إنتاج الغاز بكميات تجارية بعد اكتشاف حقول من الغاز قبالة شواطئ فلسطين المحتلة في العام 2010م. وتقوم منذ 2020م بضخ الغاز الطبيعي إلى مصر من أجل تسييله وإعادة تصديره إلى أوروبا، بموجب اتفاق قيمته 15 مليار دولار.

وقد إستغلت فون دير لايين، وضع مصر السيء إقتصاديا وأعلنت بأن الاتحاد الأوروبي قدم تمويلا فوريا لمصر قيمته 100 مليون يورو لدعم الأمن الغذائي. وعليه.. ولأن المصالح هي التي تحرك العالم أمس واليوم ودائما؛ تكون الكرة في الملعب الروسي .. ماذا يمكنه أن يقدم لمصر إقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا وحتى عسكريا كبديل إذا أراد منها إتخاذ موقفا محايدا وماذا يقدم أكثر حتى يستعيد العلاقات المصرية الروسية الى عصرها الذهبي في الخمسينات والستينات.

_ نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية بموافقة “إسرائيلية” أثار استياءا واسعا.. ما تعليقكم على هذا الأمر ؟

عارضنا هذه الخطوة من اللحظة الأولى ونزلنا الشارع متظاهرين رافضين هذا التنازل المهين عن الأرض كمبدأ وفي تيران وصنافير لأهميتهما الإستراتيجية وقيمتهما المعنوية. وقد تم القبض على الآلآف من أعضاء وقادة حزب الكرامة ورموز القوى الوطنية والقومية واليسارية على خلفية موقفنا الجذري الرافض لهذا التفريط وقد صدر حكم المحكمة الإدارية العليا نهائيا باتا حائزا لحجية الأمر المقضي به واضحا قاطعا بثبوت ملكية الجزر لمصر ومع ذلك لجأت الحكومة الى حيل مشبوهة لتمرير هذه الصفقة المريبة المرفوضة والتي سنظل نحاربها حتى نستعيد جزرنا لحدود دولتنا ولن نفرط فيها أبدا.

_ تصاعد التحركات “الإسرائيلية” الأمريكية خلال الآونة الأخيرة، في البحر الأحمر وخاصة في مضيق باب المندب والجزر اليمنية إضافة إلى الإنتشار الصهيوني في السواحل السودانية .. ألا يهدد أمن واستقرار مصر وتحديدا قناة السويس؟ وما هو موقف القاهرة من تلك التحركات؟

نتذكر جميعا كيف نجحت القوات البحرية العربية في حرب أكتوبر سنة 1973م في محاصرة العدوّ الصهيوني ومنع الملاحة الصهيونية من العبور في باب المندب؛ بفعل التمركز العسكري العربي في جزيرة ميون في قلب مضيق باب المندب ونجح التنسيق اليمني المصري في تنفيذ هذا الحصار. وخلال العقود الماضية، تعرضت جزيرة ميون للغزو البرتغالي ثم الفرنسي والبريطاني وحَاليًّا الإماراتي الأمريكي – الصهيوني؛ بهَدفِ السطو على الميزات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي يوفرها موقع الجزيرة وبسط النفوذ عليه.

ولأن موقع جزيرة ميون يشكل خطراً على أمن الصهاينة، حيثُ تؤكّد المعلومات أن العدوان السعودي الإماراتي سعى إلى تأمين العدو من خلال احتلال الجزيرة المطلة على مضيق باب المندب والمتحكمة في التجارة العالمية وبتوجيه أمريكي وقام الذيل الإماراتي خلال السنوات الماضية بإنشاء قاعدة عسكرية بمشاركة صهيونية في جزيرة ميون لتعزيز سيطرته على مضيق باب المندب، حيثُ فتحت جيبوتي أبوابها في الضفة المقابلة لباب المندب من جهة الغرب لإنشاء قواعدَ عسكرية لكُلٍّ من ” الصين وفرنسا واليابان وإيطاليا والسعودية وأمريكا “، وعلى الرغم من أن عدد القواعد العسكرية في جيبوتي بلغت 6 قواعد إلا أن الدول لا زالت تتسابقُ لإنشاء قواعدَ عسكرية لها في هذه الدولة ضات الموقع الاستراتيجي المقارب في أهميته لليمن التي تحتل المرتبة الأولى من حيث الأهميّة بالنسبة لباب المندب، بالإضافة إلى القواعد العسكرية والتواجد العسكري في البحر الأحمر بشقيه الشرقي والغربي، وهذا ما يؤكّد إقتراب وقوع أكبر مواجهة بحرية لم يشهدها العالم بين تلك الدول، ربما قريبا جدا.

وتهدف أمريكا ودويلات التحالف التابعة لها لإنشاء قاعدة جوية تتحكم تماماً بمضيق باب المندب، تحت إشراف الإدارة الأمريكية والصهيونية تحت غطاء إماراتي لتكونَ إحدى نقاط الإرتكاز في عمليات الحشد الإستراتيجي الأمريكي لمواجهة إيران على المدى المتوسط وفي مواجهة كُلّ من الصين وروسيا على المدى البعيد.

وهذا الأمر معلوم جدا لدى القيادات البحرية والعسكرية المصرية، ومن المؤكد أنه يشكل تهديدا مصيريا ووجوديا ليس فقط لمصر ولليمن ولكن للأمة العربية كلها.

_ القمم الواسعة التي استضافتها مصر خلال الأشهر الأخيرة، منها قمم بمشاركة كيان الإحتلال ودول خليجية.. ما أهدافها برأيكم؟ وما علاقتها بالتطورات التي تشهدها المنطقة وعلى رأسها دول محور المقاومة؟

من حيث المبدأ، فإن الضمير القومي العروبي يرفض تماما العبث فيما يتعلق بالأمن القومي العربي واستبدال العدو الإستراتيجي للأمة “الكيان الصهيوني” بأعداء وهميين هم بالأساس جيران …قد يوجد تنافس إقليمي أطرافه إيران وأثيوبيا وتركيا وغيرها من الدول معنا بيننا وبينهم تناقضات ثانوية .. لكن التناقض الجذري والأصيل معلوم وذكرته.. وأرى أن كل هذه التحركات تستهدف جس النبض الشعبي لتشكيل محور يشكل قاعدة لعدوان صهيو_أمريكي وشيك ضد إيران. وأتمنى أن يُصّعد محور المقاومة _ سورية والمقاومة اللبنانية والفلسطينية وإيران وكل القوى العروبية والثورية _ من التنسيق والتعاون وزيادة ضخ الأسلحة النوعية لرجال المقاومة حتى تمتلك السلاح الذي يوجع الكيان الغاصب حال إتمام العدوان وكذا تهديد المصالح الأمريكية في المنطقة. القوة الرادعة هي الحل وهي المخرج وفيها الضمان.

_ توسع نشاط الجماعات الإرهابية في سيناء مع استمرار عملياتها ضد الجيش المصري…برأيكم من يقف وراء هذه الهجمات ومن المستفيد من نشر الفوضى في بلاد النيل؟

لم يعد خافيا على أحد الدور المخابراتي الغربي في إنشاء وزرع وتفريخ هذه الجماعات التكفيرية الإرهابية في مصر والوطن العربي؛ من تبرع شركة قناة السويس البريطانية بمبلغ خمسمائة جنية مصري لجماعة الإخوان المسلمين، تسلمهم حسن البنا بنفسه ومرورا بتهريب الإخوان المطلوبين للأجهزة الأمنية إلى لندن وأوروبا ودول الخليج بعد محاولاتهم إغتيال الزعيم القائد جمال عبد الناصر في المنشية بالإسكندرية وتوفير الدعم المالي والفني بسخاء إبتداءا من السبعينات والثمانينات وإنشاء تنظيمات القاعدة وداعش والنصرة و.. كافة التنظيمات الشبيهة المشبوهة.

وللأمانة.. فقد بذل ضباط وجنود الجيش العربي المصري الدم دفاعا عن شعبنا الذي إستهدفته نيران هذه الجماعات بعد الثورة الشعبية التي أطاحت برئيس الإخوان محمد مرسي، وتقلصت إلى حد بعيد قدراتهم بعد توجيه عديد الضربات القاصمة للبنى التحية لها وتجفيف منابع تمويلها والحاضر يؤشر لإقتراب الجيش العربي المصري من إستئصال شآفة هذه الجماعات التكفيرية الجاهلية قريبا جدا.

_ ما شاهدناه من استياء واسع لدى الشارع المصري مما قام به علاء الأسواني عقب حديثه مع إذاعة إسرائيلية .. كيف يمكن قراءة هذا الوعي الشعبي تجاه الكيان الإسرائيلي؟ وما مدى أهميته في التصدي للمشاريع الصهيونية في البلاد؟

هذا السؤال رائع وجدير بالتعليق .. بالرغم من أن مصر كانت الدولة العربية الأولى التي أبرمت إتفاقية سلام مع الكيان الصهيوني، إلا أن الشارع المصري ظل رافضه بجموعه وبطلائعه، أي سلام أو إعتراف من أي شكل بهذا الكيان اللقيط، ومازالت العقيدة القتالية للجيش المصري قائمة على أن العدو الرئيسي لنا هو الكيان الصهيوني.

حاول السادات ومن بعده مبارك وحتى اليوم أنهم يمرروا التطبيع مع الكيان على كل المستويات الإجتماعية والإقتصادية، إلا أن الشارع المصري لفظهم. من يرصد بشكل جدي ردود الأفعال، عليه مشاهدة برامج المقالب التي ظهرت في شهر رمضان في إحدى السنوات الماضية، حيث كان يقدم المذيع دور شخص “إسرائيلي” يريد أن يجري لقاءاً مع فنانين أو مواطنين مصريين مقابل مبالغ مالية فكان الجميع يرفض ذلك.

المدعو علاء الأسواني بعد فعلته، تبرأ منها وقال إنه لم يكن يعلم أن الإذاعة تابعة لجيش العدو الصهيوني، وإنه تعمد أن يصدر طبعة باللغة العبرية من أعماله الأدبية.. وهذا عذر أقبح من ذنب.

الشارع المصري رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني على المستوى الزراعي منذ أيام ” يوسف والي” عندما حاولوا استقدام خبراء صهاينة لزراعة الصحراء.. مصر علمت العالم الزراعة منذ أكثر من سبعة آلاف سنة، وكان من الطبيعي أن يرفض الشعب المصري الإستعانة بخبراء صهاينة لتعليمه الزراعة.

الشعب المصري رفضهم وطلائعه ممثله في تنظيم ثورة مصر الناصرية بقيادة المرحوم الشهيد محمود نور الدين والشهيد الدكتور المهندس خالد جمال عبدالناصر، والذين قاموا بعمليات ضد العدو الصهيوني والأمريكان واغتالوا بعض من رموزهم خلال فترة التسعينات.

الوعي الشعبي المصري والعربي عليه عامل مهم جداً في تكريس عزلة هذا الكيان الصهيوني تمهيدا لإقتلاعه، وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها، وإعادة فلسطين كما كانت وستظل فلسطين عربية من النهر إلى البحر وهذه عقيدتنا ولن نفرط بها أبدا.

_ قبل أيام صرح الرئيس السيسي بأنه “لن يقترب أحد من مياه النيل”، تعليقا على إعلان ‏إثيوبيا اكتمال 88% من أعمال بناء سد النهضة .. كيف يمكن فهم تصريح الرئيس السيسي ؟ ومتى وكيف يمكن أن تنتهي أزمة السد برأيكم ؟

بقناعتي الشخصية وأعتقد أنه يوافق جميع المصريين، فإن السد الإثيوبي، قنبلة ديموجغرافية تهدد الوجود المصري والسوداني والعربي أيضا. سد النهضة حال اكتماله سيكون مطالب مننا حمايته، لأنه سيخزن أكثر من 70 مليار متر مكعب من المياة، وإذا انهار السد لو قدر الله، سيهدد بإجتياح السودان وتهديد السد العالي، وهذا ما سيعود على مصر والسودان بالخراب.

إذا قرر الجيش المصري بالمبادرة بتخليصنا من السد، فأعتقد أنه سيلاقي إجماع شعبي، لما يشكله هذا السد من خطورة رهيبة على الوجود المصري والسوداني ويهدد الأمن القومي العربي بشكل جذري يكاد يتساوى مع الخطر الصهيوني.

أنا شخصيا أرفض تماما الأسلوب الذي تنتهجه وزارة الخارجية المصرية، حاليا بالتعامل مع ملف سد النهضة وهذا ما أوصلنا إلى الحالة البائسة التي نحن فيها، حيث كان من المفترض أن لا نقبل من المرحلة الأولى بناء السد، كما أنه ليس من حق إثيوبيا أنها تبادر بأنها تأخذ قرار منفرد لبناء سد من هذا النوع. المعاهدات الدولية تؤكد أنه ليس من حق أي دولة أنها تأخذ قرار بشأن أي إجراءات على نهر النيل دون الرجوع للدول الأخرى، لذلك نحن نرفض هذه الخطوة من جانب إثيوبيا ونطالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وأجهزة الدولة المصرية بالتصدي الفوري لهذا الخطر الوجودي.

_ هل لكم أن تطلعونا عن طبيعة الأوضاع السياسية والإقتصادية التي تشهدها مصر خلال الآونة الأخيرة؟ وما هي التحديات التي تواجه الإقتصاد المصري ؟

لا شك أن الإقتصاد المصري يمر بمرحلة تحول كما تطلق عليه حكومة مصطفى مدبولي، ونحن نسميها بمرحلة إنهيار للإقتصاد المصري، حيث ارتفعت المديونية الداخلية والخارجية إلى مستويات قياسية تهدد بتحويل مصر إلى دولة فاشلة، كما أن خدمة الدين بدأت تصل إلى حوالي 100% من الدخل القومي المصري وهذه مسألة خطيرة لم تعهدها مصر في تاريخها.

مصر دولة متنوعة في مصادر الثروة، فهي تمتلك شواطئ على بحرين، وبحيرات مالحة وعذبة، ولديها نفط وغاز، إلى جانب السياحة، وكان لدينا صناعة وزراعة قوية جدا، لكن للأسف سياسات الخصخصة وتصفية القطاع العام الذي بناه الرئيس عبدالناصر، كانت على رأس تعليمات الحكومات المتعاقبة منذ عهد السادات، وحتى اليوم، وتقضي بضرورة تصفية القطاع العام وإطلاق ما يسمى بحرية “آليات السوق”، والتي تندرج تحت عناوين الإنفتاح وترك القطاع الخاص يمرح في عرض البلاد وطولها وهذا ما أوصلنا حاليا إلى حالة من حالات الإرتفاع الجنوبي للأسعار، وتدهور قيمة العملة المحلية أمام العملات الصعبة.

الأوضاع تنذر بكارثة، والطبقة المتوسطة بدأت تتلاشى وتتحول معظمها إلى طبقات فقيرة أشد فقرا، وتركز الثروة حاليا في يد شريحة لا يتجاوز عدها من 2 إلى 3 % من نسبة سكان الشعب المصري.

لذلك، ليس أمامنا سوى الإعداد لخطة لإستعادة سيطرة الدولة على الصناعة والزراعة والقطاعات الرئيسية في التجارة الداخلية والخارجية إذا كان لدينا جدية في التعامل مع هذه الكارثة التي سببتها سياسات الخصخصة والإنفتاح والنكوص على التجربة الإشتراكية العظيمة التي بناها الزعيم جمال عبدالناصر.

_ دعوة الرئيس السيسي القوى والأحزاب السياسية إلى حوار وطني شامل .. برأيكم ماهي ملامح هذا الحوار؟ وهل سيساهم في حل الأزمة السياسية المعقدة في البلاد؟ وما النتائج المتوقعة لهذا الحوار ؟

شخصيا أوافق من حيث المبدأ على الدخول في حوار وطني ولكن ليس بشروط بل بمحددات أراها متلازمة مع إطلاق صفة الحوار الوطني على ما سيتم أم لا.

أولا، إذا كنا جادين في إطلاق حوار وطني، فلابد أن يكون بين قوى وطنية، وهي القوى المعارضة وليست المؤيدة والداعمة لسياسات الرئيس السيسي، كحزب “مستقبل وطن”، الذي يضم ما تبقى من الحزب الوطني السابق، وشلة المنتفعين حاليا.

يجب أن تكون كل القوى السياسية الفاعلة في الشارع المصري مشاركة في الحوار، الناصريين والليبراليين واليساريين والقوى القومية وكل القوى التي تعارض هذا النهج السيء والخاطئ، الذي تتبعه مصر منذ ثمانية أعوام، وأوصل البلد إلى الحالة السيئة القائمة، من المديونية والفشل القائم على المستوى السياسي والإقتصادي في إدارة ملفات ضخمة كملف سد النهضة وملف تيران وصنافير، والغاز المصري الذي يسرقه الكيان الصهيوني علناً، في البحر المتوسط.

ثانيا، يجب إطلاق سراح كل المعتقلين على ذمة قضايا سياسية من أفراد هذه القوى السياسية، من الذين لم تثبت إدانتهم في جرائم عنف ضد الدولة أو ضد الجيش والشرطة المصرية.

ثالثا، لابد من وقف فوري لعملية الإقتراض من الخارج، وأن تقدم الحكومة المصرية كشف صريح وواضح بحجم المدونية داخليا وخارجيا، وحجم القروض التي تم أخذها خلال العشر السنوات الأخيرة، وفيما أنفقت وكيفية سداد هذه القروض.

رابعا، لابد من إجراء تعديلات دستورية تمنع تماما أي شخص من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لأكثر من دورتين تحت أي مبرر أو أي ظرف كان.

هذه مسائل شكلية لكنها جوهرية في نفس الوقت، حتى نضمن حوار وطني فاعل.

نقطة أخيرة.. لابد من قرار واضح تلتزم فيه الحكومة والقوى السياسية، بأن الجميع سيعمل على تطبيق مخرجات هذا الحوار الوطني بمجرد الإتفاق عليها وإعلانها للجمهور، كضمان لجدية هذا الحوار إذا كانت الدعوة إليه هي دعوة جادة.

_ تزامنا مع تحرك الرئيس التركي ضد جماعة الإخوان المسلمين في تركيا وإغلاقه بعض وسائلهم الإعلامية.. هل يسعى ‎إردوغان للتقارب مع ‎مصر؟ وإلى أين وصلت العلاقات التركية المصرية اليوم؟

من اللحظة الأولى لظهور رجب طيب أردوغان، كان رأيي فيه بأنه شخص سلبي انتهازي “ديماجوجي”، يجيد اللعب على كل الأطراف واللعب على كل الحبال، وهذه انتهازية سياسية وليست ذكاء.

الرئيس الذي يسمح لبلده بأن تكون منطلقا لطائرات حلف الناتو لتدمير دولة مجاورة، وهي العراق، ويسمح لأمريكا بإستخدام أرض بلده وموانئها ومطاراتها وقواعدها لضرب بلد شقيق كسوريا، وتدريب الإرهابيين من كافة بقاع الأرض ودفعهم إلى سوريا لتدميرها وسرقة مواردها ومصانعها وآثارها، ونقلها إلى تركيا، التي أصبحت مركزا لتبيض الأموال المنهوبة من سوريا والعراق وليبيا، والمعبر لتجارة الغاز والنفط المسروق من الحقول السورية والعراقية؛ هو شخص غير جدير بالإحترام.

لن نتحدث عن سياسات أردوغان الداخلية، القائمة على المتناقضات، حيث يزعم بأنه يقدم نهج إسلامي في الوقت الذي مازالت تركيا تسمح بالبغاء و.. إلخ. نحن نتحدث عن مسائل تتصل بعلاقاته مع الدول العربية وبالذات دول الجوار العراق وسوريا ومصر وليبيا، عندما حاول تسويق نفسه بالمنطقة بأنه الرجل الذي رفض البقاء في قمة “دافوس”، بوجود رئيس كيان الإحتلال شمعون بيريز، بينما تقيم تركيا أقوى العلاقات السياسية والإقتصادية والعسكرية مع الكيان الصهيوني، والتي تمت في عهده.

أنا لا أطمئن إطلاقا لهذا الرئيس ولا أطمئن للسياسة التركية تجاه مصر وتجاه ليبيا والعراق وسوريا، في ظل وجود حكومة أردوغان. بالطبع أتمنى أن تنتهج تركيا نهج أكثر احتراما في تعاطيها مع القضايا العربية لكن في وجود أردوغان لا اتفائل أبداً.

_ في ظل الأزمات والتوترات التي تشهدها المنطقة.. ألم يحن الوقت لأن تستعيد مصر دورها التاريخي لإنهاء الفوضى والخراب في الدول العربية ؟ وما هي العراقيل التي تحول دون ذلك من وجهة نظركم؟

طبعا الوقت حان من وقت طويل، وكلنا تفائلنا خيرا بعد ثورة 25 يناير 2011م، بأن مصر ستسعيد ليس فقط دورها التاريخي في الوطن العربي، بل في إفريقيا وآسيا والعالم بشكل عام. الإرث التاريخي الذي تركه الزعيم جمال عبدالناصر، ومشروعاته الخيرية في قارتي إفريقيا وآسيا، واستضافة الطلاب من جميع الدول العربية والإفريقية للدراسة في مصر ، والمشاريع الصناعية والزراعية، وإقامة علاقات تبادل إقتصادي وتجاري مع جميع هذه الدول، قائمة على الندية والمساواة، ودعم حركات التحرر الوطني فيها. كل هذا شكل معالم القوة الحريرية التي تمكنت من خلالها مصر ممارسة هذا الدور التاريخي الذي يشير عليه السؤال وأوافق عليه تماما.

بالنسبة للعراقيل التي تحول دون ذلك، أولها، هذه القوى الطامحة المدعومة من دول حلف الناتو، وعلى رأسها أمريكا والكيان الصهيوني، وهي تحديدا دولة ” نجد والحجاز” أو ما يعرف اليوم بإسم المملكة العربية السعودية، وكذلك الإمارات.. هاتين الدولتين تحديدا بالمشاركة مع الكيان الصهيوني وقطر وتركيا، دول تحركها الولايات المتحدة الأمريكية لتقليم أظافر مصر، لأن كل أنظمة هذه الدول مجتمعة تخشى من استعادة مصر لدورها الحيوي والتاريخي في المنطقة، لأن مصر ذات ثقل حضاري، فيما لا تمتلك تلك الدول والأنظمة هذا الثقل. مصر دولة مؤسسات، بينما أنظمة تلك الدول عبارة عن عائلات حاكمة سهل التحكم فيها، عكس الشعب المصري، الذي يسيطر على صناعة القرار، وسيبقى معادي للمشروع الصهيو_أمريكي في المنطقة.

مؤخرا تم إنتخاب، أخونا الأستاذ حمدين صباحي، الأمين العام للمؤتمر القومي العربي، وبدأنا نلاحظ تكثيف محاولات رأب الصدع، وبعد ما كان واضح أن مصر بتدعم جهود الجزائر في استعادة كرسي سوريا في الجامعة العربية للإدارة السورية، إلا أنه حصل تراجع بضغط من القوى التي ذكرناها سابقا، ” بني سعود، وعيال زايد”، وهذا لإستمرار الحصار على الشقيقة العربية السورية.

يهمني في هذا الإطار أن أقول بأن الدور المصري والعربي لن يستعيد قدرته على الفعل، إلا إذا حصل وحدة أو على الأقل تنسيق تام بين القيادة المصرية والقيادة في سوريا، إلى جانب العراق واليمن والجزائر وليبيا والسودان ومجموعة الدول العربية، لأنه سيكون هناك ثقل شعبي وتاريخي يستطيع أن يدفع الأمة لإستعادة هذا الدور الذي سلب مننا منذ إتفاقية “كامب ديفيد” وحتى اليوم.

أنا متفائل خيرا ببداية إستعادة مصر لدورها التاريخي، رغم الظروف الصعبة المحيطة، وأنوه هنا أنه بخصوص إنهيار الأوضاع الإقتصادية في مصر، فهذا ليس ببعيدا عن مساعي تقليم أظافر مصر وحصارها حتى تغرق في مشاكلها الداخلية، التي تمنعها من ممارسة هذا الدور.

* المصدر : عرب جورنال

* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 23-أبريل-2024 الساعة: 10:40 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-46647.htm