- كيف أصبحت أوكرانيا مختبراً للأسلحة الجديدة..

الجمعة, 18-نوفمبر-2022
صعدة برس - وكالات -
*بتول رحّال
في سباقٍ محتدمٍ تقوده الدول الغربية إلى التسلّح، شكّلت أوكرانيا الساحة المثلى لهذه الدول لاختبار أحدث أسلحتها وأنظمة معلوماتها، في وقتٍ يحتّم سباق التسلح هذا على الدول أن تجرّب فعالية أسلحتها على أرض المعركة، وليس فقط في مناورات عسكرية تجريها بين حينٍ وآخر، وذلك من أجل أخذ العبر، وتطوير أسلحتها، وترشيد إنفاقها الدفاعي وفقاً لمتطلبات المعركة الواقعية.

منذ بدء الحرب في أوكرانيا، تدفّقت الأسلحة الغربية إلى البلاد، وتضمّن معظم هذه الأسلحة إصدارات جديدة أو محدثة ومُطوّرة من الأسلحة القديمة، من الصواريخ الموجهة متوسطة المدى، والصواريخ الفرط صوتية ومنصات إطلاق الصواريخ، والأنظمة التكنولوجية والمعلوماتية، لتتحول أوكرانيا إلى بؤرة تجارب لأسلحة الدول الغربية، وحتّى الروسية، التي أدخلت بدورها أسلحةً إلى الخدمة للمرة الأولى في الحرب.

وفقاً لأحدث الأرقام، وصل إجمالي المساعدات العسكرية المقدمة من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى أوكرانيا إلى 8 مليارات يورو، ما يُعادل نسبة 45% من حجم المساعدات الأميركية المقدمة إلى كييف.

دلتا”: أكثر من مجرد نظام إنذار مبكر

صحيفة “نيويورك تايمز” تحدّثت في تقريرٍ عن التسليح الغربي لأوكرانيا، وكيف تحوّلت إلى ساحة للتجارب، مشيرةً إلى أنّ أوكرانيا أدخلت مؤخّراً “سلاحاً جديداً ثميناً” إلى ساحة المعركة، لكنّه ليس قاذفة صواريخ أو صاروخاً أو أي نوع آخر من الأسلحة الثقيلة، إنّما هو نظام معلومات يُعرف باسم “دلتا”.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ هذا البرنامج “تم تطويره بالتنسيق مع “الناتو”، وبالكاد تم اختباره في المعركة”، لكنّها نقلت عن مسؤولين وسياسيين وقادة عسكريين في الغرب، أنّ سلاح “دلتا”، يمكن أن “يكوّن شكل الحرب لأجيال قادمة”.

ما هو هذا السلاح الجديد “دلتا”؟

بحسب “نيويورك تايمز”، فإنّ نظام “دلتا” هو عبارة عن شبكة على الإنترنت، يمكن للقوات العسكرية والمسؤولين المدنيين وحتى المارّة الذين تم فحصهم، أن تستخدمها لتتبع وتبادل تفاصيل تتعلق بالقوات الروسية.

وأشار المسؤولون إلى أنّ نظام “دلتا” أكثر من مجرد نظام إنذار مبكر، فهو يجمع بين الخرائط في الوقت الفعلي وصور أصول القوات الروسية، وصولاً إلى عدد الجنود المتنقلين وأنواع الأسلحة التي يحملونها.

ولفتوا إلى أنّ ذلك يقترن بالاستخبارات، بما في ذلك من أقمار المراقبة الصناعية والطائرات من دون طيار ومصادر حكومية أخرى، لتقرير أين وكيف يجب أن تهاجم القوات الأوكرانية.

استغلال دول “الناتو” لساحة القتال في أوكرانيا
سلاح “دلتا” الجديد، هو أحد الأمثلة عن الأسلحة التي اختُبرت في أوكرانيا. وبالحديث عن أمثلةٍ أخرى، يمكن التطرق إلى تجارب الولايات المتحدة، التي جنّدت على سبيل المثال، في حزيران/يونيو الماضي، أقماراً صناعية لشركات خاصة لإمداد كييف بالمعلومات، ولتنفيذ عمليات استطلاع في أوكرانيا.

ودعت لجنة شؤون القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي، في السياق، مكتب الاستطلاع الوطني إلى توسيع برنامجه التجريبي لالتقاط الصور من الأقمار المتابعة للأرض والمزودة بالرادارات ذات الفتحة التركيبية (SAR) لعدد من الشركات الخاصة.

وتم الترحيب عالمياً بالأقمار الصناعية الصغيرة التي صنعتها شركة “SpaceX” التابعة للملياردير الأميركي إيلون ماسك للاستخدام في أوكرانيا، لأنّها سمحت للجيش الأوكراني بالقتال والحفاظ على الإنترنت والتواصل، حتى مع تدمير شبكات الهاتف الخلوي والإنترنت في الحرب”، وفق منصة “مودرن ديبلوماسي”.

وبالتزامن مع نشر الإعلام الأميركي عن نظام “دلتا” الجديد، أفادت شبكة “سي إن إن” الأميركية، نقلاً عن مصادر، بأنّ الولايات المتحدة تدرس إمكانية تحديث طائراتها المسيرة من نوع “Gray Eagle” لتسليمها لأوكرانيا.

وقال مسؤولان أميركيان لـ”سي إن إن”، إنّ “واشنطن تدرس كيفية تحديث تلك الطائرات المسيرة حتى لا تكون خسارتها مع تكنولوجياتها المتطورة حساسة بالنسبة إلى الولايات المتحدة”.

وأضاف أحد المسؤولين: “هناك اهتمام حقيقي لا يزال قائماً بشأن هذه الأنظمة بالذات، بشرط أن نكون قادرين على القيام بالتحديث الضروري، وأن تكون مفيدةً لأوكرانيا في ميدان القتال”.

لم يقتصر الاستغلال الأميركي لساحة القتال في أوكرانيا على الأسلحة العسكرية، إذ لجأت كذلك إلى تنفيذ تجارب بيولوجية في مختبراتٍ أنشأتها في البلاد، بتمويلٍ تخطى الـ200 مليون دولار، بحسب وزارة الدفاع الروسية، التي أشارت إلى أنّ “هذه المختبرات البيولوجية الأميركية هدفها خلق آلية انتشار سرية للأمراض المميتة”.

الولايات المتحدة ليست الوحيدة التي قامت بتجارب أسلحة في أوكرانيا، إذ انضمت إليها دول غربية أخرى. وبخصوص ذلك، أشارت صحيفة “نيويورك تايمز”، إلى أنّ المساعدات الغربية التي يتم إرسالها إلى أوكرانيا، هي في معظمها، “من إصدارات محدثة مؤخراً من الأسلحة القديمة”.

وطرحت الصحيفة مثال صواريخ التوجيه متوسطة المدى الألمانية الصنع، التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، وأيضاً منصات الإطلاق المعروفة باسم “IRIS-T”، كدليل على التجارب الغربية في أوكرانيا، في وقتٍ لم يستخدم الجيش الألماني نفسه النسخة المحدثة من هذه الأنظمة بعد، والتي تم شحنها إلى أوكرانيا الشهر الماضي، وفقاً لـ”نيويورك تايمز”.

الاختبارات الروسية

في مقابل ذلك، استخدمت روسيا كذلك أسلحة جديدة، إذ طوّرت جيلاً جديداً من أسلحة الليزر، لإحراق الطائرات المسيرة، وقادرة على تعطيل الأقمار الصناعية حتى 1500 كيلومتر فوق سطح الأرض، ونشرتها على نطاقٍ واسعٍ للاستخدام في أوكرانيا، في أيّار/مايو الماضي.

كما أدخل الجيش الروسي صواريخ فرط صوتية من طراز “كينجال” إلى الخدمة للمرة الأولى، في آذار/مارس الماضي. وأكّدت روسيا أنّ “كينجال” أظهر “خصائصه الرائعة في الحرب.. الخصائص التي لا يضاهيها أي صاروخ مماثل في العالم”.

و”كينجال” هو صاروخ فرط صوتي، تبلغ سرعته أكثر من 10 ماخ. وهو قادر على تغيير المسار على امتداد تحليقه في كل من الاتجاهين الرأسي والأفقي. ومن الصعب اعتراض هذا النوع من الصواريخ، التي تستخدم لضرب أكثر الأهداف أهمية، ويبلغ مداها أكثر من 2000 كيلومتر، بحسب خبراء عسكريين.

كذلك، بدأت الطائرات الإيرانية من دون طيار التي تملكها روسيا في الظهور لأول مرة في سماء أوكرانيا، في أيلول/سبتمبر الماضي. ونشرت روسيا طائرات من دون طيار قتالية إيرانية من طراز “شاهد-136” و”مهاجر-6″، في جميع أنحاء أوكرانيا، ما أدّى إلى نتائج مدمرة، بحسب صحيفة “بوليتيكو”.

لا شكّ في أنّ تحوّل أوكرانيا إلى بؤرة تجاربٍ للأسلحة، ليس أمراً عابراً، بل إنّه سيغيّر أشكال الحروب القادمة، إذ ستساعد الاختبارات التجريبية في أوكرانيا كبار المسؤولين ومخططي الدفاع في روسيا، ودول “الناتو”، على تحديد كيفية استثمار الإنفاق العسكري خلال العقدين المقبلين.

وبحسب ما خلُص إليه تقرير “نيويورك تايمز”، فإنّ الحرب في أوكرانيا “أظهرت كيف من المرجح أن تكون الحرب المستقبلية سريعة الخطى ومتنازعاً عليها بشدة، ليس فقط على الأرض أو في السماء، ولكن أيضاً، وهو الأهم، في الفضاء الإلكتروني”، معتبراً أنّ “بيئة العمل المستقبلية هي هذه”.

المصدر: الميادين نت
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:55 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-46873.htm