- سقطت الأقنعة عن «الاخوان »

الإثنين, 04-يونيو-2012
صعدة برس -
* كتب/ فيصل ملكاوي
كل يوم تسقط الأقنعة لتكشف الوجه والأهداف الحقيقيّة للاخوان المسلمين، وتسقط معها الشعارات والعناوين العريضة التي يتشدقون بها ويزعمون أنهم يسعون إلى الإصلاح من خلالها.

فبعد الإخفاق في حشد الشارع وتجييشه وتحريضه ضد الدولة ومؤسساتها والمشروع الإصلاحي الذي سبق الربيع العربي بسنوات طويلة، يكشف «الاخوان» عن أجنداتهم الحقيقيّة، التي لا تمت إلى الإصلاح بصلة بل تذهب إلى هدفٍ واحدٍ هو خلق حالة من التأزيم المستمر وصولاً إلى الفوضى المرتبطة بأجندات خارجيّة تشبع فيهم جوعاً مزمناً إلى السلطة وحسب.

يواصل الاخوان المسلمون رفع وتيرة خطاب الإقصاء والتأزيم بعد كل مرحلة يكتشفون فيها انحسار حضورهم في الشارع، ويلجأون إلى كل وسائل التشكيك والسوداويّة والاتّهامية المغرضة، كلما قطعت الدولة خطوة كبيرة نحو الإصلاح، بلغة وروحيّة تحاول من خلالهما «الجماعة» فرض وصايتها على الجميع والادّعاء بأنها تملك الحقيقة الكاملة، لتوزع - بلا حقٍّ - صكوك الغفران على المجتمع وقواه المختلفة وعلى الدولة ومؤسساتها.

في سياق الأزمة التي يعيشها «الاخوان»، من تراجع الحضور والتأثير في الشارع والمجتمع، والأخطاء الجسيمة التي ارتكبوها خلال العام الذي مضى حتى هذه المرحلة، تذهب الجماعة وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي إلى مراكمة ارتكاب الأخطاء إلى درجة الوهم بأن الشرعيّة الراسخة للدولة ونظامها السياسي ومؤسساته يمكن أن تقع تحت وطأة هذا النوع من الخطاب والنهج المفتقر إلى المصداقية والمشروعيّة بأي شكل.

يتناسى «الاخوان» ويقعون في أوهام لا حدود لها بعد الانكشاف الكامل لأجندتهم وأهدافهم، المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالخارج، تلك الأجندة القبيحة التي تعتمد استراتيجية الفوضى والتأزيم بأي وسيلة، يتناسون بأن الدولة الأردنيّة ونظامها السياسي، النموذج الوحيد في المنطقة الذي يحظى بشرعية راسخة وقوة تراكمت عبر أكثر من تسعين عاماً هي عمر الدولة، لم تهزها عواصف وأنواء الإقليم الدائم التأزم، ولم تضعفها المؤامرات ولم تفت في عضدها أي ظروف أو تحديات واجهتها عبر هذا التاريخ الطويل.

نسي «الاخوان» عن سبق إصرار، أن النموذج الأردني، بقوته الأخلاقية وشرعيته التاريخيّة والدينيّة، هو الوحيد على وجه الأرض الذي امتلك الثقة الكاملة بنفسه وإرادته، عندما أضفى على «الجماعة» شرعية وأماناً، فقدتهما في كل دول المنطقة والعالم بأسره، فأخذت دورها في النموذج الأردني، كواحد من التيارات السياسيّة بمختلف ألوانها.

بهذا النهج تعامل النموذج الأردني مع الاخوان المسلمين في الوقت الذي تمت مطاردتهم والتعامل معهم بالحديد والنار في النماذج الأخرى في المنطقة، ولم يكن هذا السياق تكتيكاً يقوده منطق ضعف أمام الجماعة، بل نهج قويم، واستراتيجية شاملة، تعاملت بهما الدولة مع كافة المكونات والقوى والتيارات السياسيّة؛ نهج خطّه نظامها السياسي باعتماد قيم التسامح خلال مختلف مراحل الدولة؛ لم ترق فيه قطرة دم واحدة وكانت وما زالت كرامة الإنسان فيه فوق كل الأولويات والاعتبارات.

حاول «الاخوان» بث دعاية مضللة بأنهم مارسوا دور الحماية للدولة، خلال مراحل وحقب تاريخية مختلفة، وفي حقيقة الأمر فإن كل الشواهد تؤكد أن الدولة ونظامها السياسي، وفرت الحماية بكافة أوجهها للاخوان المسلمين، في إطار نسيج وطني جامع، وتجربة فريدة واثقة لدولة ونظام سياسي، تجاوز بعوامل قوته الموضوعية، كافة التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية، التي عصفت بنماذج حكم ودول أخرى وتجارب اعتمدت عوامل القوة المجردة في التعامل مع شعوبها ومكوناتها السياسيّة والاجتماعيّة فتلاشت في حين واصلت الدولة الأردنية التقدم في تجربتها وأنموذجها لتحظى بصدقية واحترام شعبها ودول العالم.

في المرحلة الراهنة يحاول الاخوان المسلمون، التطاول على هذه الثوابت، وضربها، والإساءة لها بالوسائل كافة، مستخدمين «تكتيك اللاعنف»، المؤدي في النهاية إلى استراتيجية الفوضى، بمحاكاة تجارب أخرى حدثت في الاقليم، كمصر على وجه التحديد، من خلال تلقي الأوامر من قيادة التنظيم الدولي للاخوان هناك الذي يعتبرونه نسخة طبق الأصل عنهم في المنهجية والعمل، وإصرارهم على نسخ تكتيكاته، مع تلقي قيادات وكوادر التنظيم تدريباتهم على تنفيذ هذه الاستراتيجية في مراكز غربية، معروفة المراجع والتمويل والدعم.

الاخوان المسلمون يمضون بهذا النهج، غير ملتفتين إلى أن هذه التجارب التي يحاكونها، قد بدأت تواجه صدوداً شعبياً كبيراً ومراجعة شاملة في تلك الدول، جراء منهجية الإقصاء التي مارسها «الاخوان» هناك في أبسط الأمور قبل أعقدها، وبعد التأكد من أن هذا التيار لا يؤمن بالشراكة بأي شكل، بل تقوده منهجية الأحادية في تعاطيه مع مختلف المكونات الشعبية والسياسية، بعد ركوبه الموجة في آخر مراحلها وأقلها كلفة وتقديم أوراق الاعتماد المسبقة للقوى الغربية وبث كافة الرسائل بأن لا مساس بربيبتهم إسرائيل في سبيل الوصول إلى السلطة.

الدولة الأردنية ونظامها السياسي وشعبها وشرعيتها ومشروعها الإصلاحي، راسخة قوية، وهي الآن في أقوى مراحل هذه المنعة السياسية والأخلاقية، وليست في وارد أخذ الشرعية، من حزب سياسي، من بين عشرات الأحزاب والقوى والتيارات السياسيّة، التي تعمل وفق قوانين وأطر الدولة.

الواضح أن الاخوان المسلمين وذراعهم السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي يقعون في هذه المرحلة أسرى لوهم كبير يتمثل بأن تهديداتهم بمقاطعة استحقاقات مشروع الإصلاح الأردني الجامع والشامل تفقده شرعيته، في الوقت الذي أثبتت تجاربهم السابقة، أنهم وحدهم الذين خسروا معركة الشرعية والمصداقية والحضور، بمثل هذه الممارسات التي كان مصيرها الفشل على الدوام.

الدولة الأردنية ونظامها السياسي ومؤسساتها تمضي قدماً في استكمال وتجذير استحقاقات مشروعها الإصلاحي بكل ثقة وصدقية وثبات عبر خيار استراتيجي لا رجعة عنه يتمثل بـ«الإصلاح والديمقراطية» الذي يواصل إعلاء كرامة الإنسان الأردني وضمان حقوقه السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة في حين ينحسر نهج وأجندة الاستقواء والإقصاء الذي يمارسه الاخوان المسلمون إلى أضيق زوايا الانعزال والرفض والاستنكار من الجميع.

* المصدر: "الرأي" الأردنية
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 22-ديسمبر-2024 الساعة: 06:34 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-4696.htm