صعدة برس - وكالات - فشل ورعب وصفعة وكارثة واهانة السابع من أكتوبر 2023، سيبقى عاراً في تاريخ الكيان الصهيوني وصدمة هستيرية هزت هشاشة الكيان قد تعيد رسم خارطة الشرق الأوسط بشهادة شاهداً من أهلها.
ففي تمام الساعة السادسة من صباح يوم سبت 7 أكتوبر 2023، باغت أبطال عملية “طوفان الأقصى” مواقع ومعسكرات ومستوطنات الكيان الصهيوني في عملية يصفها وسائل إعلام واعلاميو وكُتاب ومحللوا العدو الأسرائيلي بـ”الصدمة الكبرى”.
ولليوم الحادي عشر على التوالي يسيطر أبطال “الطوفان الأقصاوي” على المسرح العملياتي الحربي على تخوم ومحيط غزة براً وجواً، في عمليه خاطفة أنهت أسطورة الجيش الذي لا يقهر في حين يواصل طيران الكيان الصهيوني الإبادة الجماعية لسكان غزة حيث فاق عدد الشهداء المدنيين 2750 شهيداً معظمهم من الأطفال والنساء وأكثر من عشرة الألاف جريح.
هجوم مباغت
يرى المحلل الصهيوني تسفي باريل، الذي يعمل في صحيفة “هآرتس”، أن هجوم “طوفان الأقصى” المباغت على كيان إسرائيل غير المعادلات السياسية والعسكرية واللوجستية ومكنّ حركة حماس من السيطرة على أجندة الشرق الأوسط.. وقال: “أصحبت أوراق المساومة بين يدي المقاومة الفلسطينية أقوى من أي وقت مضى.. بل أنها ستجبر كيان إسرائيل على تنفيذ مطالها بفك الحصار واتمام صفقة ضخمة لتبادل الأسرى”.
وعقب عملية طوفان الأقصى، توقع الخبراء والمراقبون السياسيون، أن المقاومة الفلسطينية ستجني مكاسب سياسية كبيرة بحجم نجاحها العسكري التي أصبحت واقعاً في ميدان المعركة وسط عجز استخباراتي وأمني وعسكري ولوجستي في أجهزة الأمن والجيش الصهيونية والغربية والامريكية.
وضع غير مسبوق
يقول المحلل الصهيوني، ميرون رابوبورت: “دخلت كيان إسرائيل وضعاً غير مسبوق لا تستطيع فيه التحكم في مصيرها ولم تشهد حجم المعارك التي تخوضها المقاومة الفلسطينية”.. واصفاً وضع أجهزة المخابرات الصهيونية بأنها في حالة صدمة عنيفة وأن ثقة الجيش الصهيوني اهتزت بين أوساط القادة والمجتمع الصهيوني حتى النخاع.
وأضاف لموقع “ميدل إيست آي” اللندني: “نحن أمام فشل عسكري واستخباراتي مكتمل الأركان وستستغرق كيان إسرائيل وقتا طويلا للتعافي منه من حيث ثقتها بنفسها”.
وتساءل الاعلامي المخضرم رابوبورت قائلاً: “قاتلنا عام 1973، بجيش مدرب وهنا نتحدث عن أشخاص ليس لديهم سوى الكلاشينكوف.. أعتقد أنه أمر لا يمكن تصوره !؟”.
وفي منظور المراقبين، تُعد عملية “طوفان الأقصى” أعظم معركة في تاريخ النضال والمقاومة الفلسطينية مُنذ بداية الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين العربية مُنذ 75 عاماً، حيث كتب أبطال الطوفان تاريخاً جديداً، ولم يعد ما بعد 7 أكتوبر 2023، كما قبله، حيث بدأت المعركة الفعلية لتحرير القدس والأقصى الشريف وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال الصهيوني.
تلفظ أنفاسها الأخيرة
تحت عنوان “كيان إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة” علق الكاتب الصهيوني، آري شبيت، في مقال نُشر في صحيفة “هآرتس” الصهيونية بالقول: “يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال”.
وأضاف: “يبدو أننا اجتزنا نقطة اللاعودة، ويمكن أنه لم يعد بإمكان كيان اسرائيل إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويبدو أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس في هذه الدولة”.
وتابع: “إذا كان الوضع كذلك فلا طعم للعيش في هذه البلاد ولم يعد هناك طعم للكتابة والقراءة في هآرتس”.. داعياً الصهاينة إلى إنتهاج سياسة تتماشى مع الواقع، قائلاً: “أن القوة الوحيدة في العالم القادرة على إنقاذ كيان إسرائيل هم الصهاينة أنفسهم، وذلك عبر إنتهاج لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع وتؤمن بتجذر الفلسطينيين في هذه الأرض”.
وأنتقد سياسة الكيان قائلاً: “أضع أصابعي في عيون نتنياهو وليبرمان والنازيين الجدد، لأوقظ هذيانهم الصهيوني، وأن ترامب وكوشنير وبايدن وباراك أوباما وهيلاري كلينتون ليسوا من سينهي الاحتلال ولا الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي سيوقفان الاستيطان”.
وحسب وسائل الإعلام الصهيونية تتزايد حصيلة القتلى في صفوف الجيش الاحتلال بشكل يومي حيث ، ذكرت قناة “كان” الصهيونية يوم الجمعة الماضي، أرتفع عدد قتلى الجيش العدو إلى 1300 قتيل و3300 جريح.
وفي ردة فعل غير محسوبة العواقب، يهدد رئيس وزراء حكومة الكيان بنيامين نتنياهو، بأن جيشه سيحول قطاع غزة إلى أنقاض، مطالباً مواطنيها بالخروج.. قائلاً في كلمة ألقاها مطلع السبت الفائت: “سنحول الاماكن التي تختبئ فيها حماس إلى أنقاض.. يا سكان غزة أخرجوا من هناك الآن”.
والحديث لا يزال لكاتب الصهيوني الشهير شبيت: “يجب فعل ما اقترحه “روغل ألفر” قبل عامين وهو مغادرة البلاد.. إذا كانت الصهيونية واليهودية ليستا عاملاً حيوياً في الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي لدى كل مواطن صهيوني فقد انتهى الأمر.. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس”.
الخيبة الكبيرة
وعلقت صحيفة هآرتس بالقول: “علينا عقد صفقة تبادل وتبييض السجون فوراً وعلى نتنياهو ألا يحاول إنقاذ شرف الجيش على حساب الأطفال والرضع الصهاينة”.
تصّف وسائل الأعلام العبرية على أحداث عملية طوفان الأقصى بالخيبة الكبيرة لقوات جيش الكيان الصهيوني الذي سيواجه صعوبة في التّعافي من صدمة الطوفان.
تقول صحيفة هآرتس الصهيونية: “أنزلت المقاومة الفلسطينية قوة عظمى على ركبتيها، وذهلوا أنفسهم من حجم نجاحهم الذى حققوه”، معتبرة، أحداث طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، من أحد أحلك الأيّام في تاريخ كيان اسرائيل والذي سيغيّر كل شيء بحسب الصحيفة.
هارتس تصف، نتنياهو بزعيم عصابة غير مؤهل في الاستمرار بمنصب رئيس وزراء الكيان وأنه أي نتن ياهو شخص عنصري مرتشي ويجب محاكمته وحرمانه من رئاسة وزراء الكيان الصهيوني.
وفيما تعتبر صحيفة “معاريف”، عملية طوفان الأقصى بالإنذار المبكر في طريق إنهيار كيان إسرائيل، تصف الطوفان بالهجوم الكارثي المروع على الجيش الصهيوني.. تؤكد صحيفة “جيروزاليم بوست”، أن الفصائل الفلسطينية انتصرت في معركة نفسية كبرى ستبقى ذكراها خالدة إلى الأبد في ذاكرة الصهاينة.
وعلقت صحيفة “يديعوت أحرنوت” على عملية طوفان الأقصى بالقول: “ما وقع من عمليات تسلّل وقتل لمئات الصهاينة سيستغرق سنوات لفهمه على أرض الواقع”.
الصفعة الأولى
وقال الكاتب الصهيوني حاييم ليفينسون في مقال بصحيفة هآرتس: “خسرت كيان اسرائيل الحرب منذ البداية ولا معنى لما تفعله الآن فقد أنهار الشعور بالأمن بعد أن نقلت عمليات الحرب إلى داخل المستوطنات الصهيونية”، واصفاً عمليات الجيش الصهيوني الأخيرة بـ”إسقاط السراويل” بدل عملية “السيوف الحديدية”.
وأضاف: “بالفعل اكتملت خسارة كيان اسرائيل، واصفاً عملية طوفان الأقصى بـ الصفعة الأولى، معتبراً كل ما يأتي بعد ذلك كلام فارغ.
الكاتب الصهيوني جدعون ليفي، قال: “إنّنا نواجه أصعب شعب في التاريخ، وعملية التدمير الذاتي والمرض السرطاني الصهيوني بلغا مراحلهما النهائية ولا سبيل للعلاج بالقبب الحديدية ولا بالأسوأ، ولا بالقنابل النووية”.
ثمن الغطرسة
بدوره، الدبلوماسي الأميركي المخضرم مارتن أنديك، قال في مقارنة بين حرب أكتوبر وبين طوفان الأقصى في حوار مع مجلة “فورين أفيرز”: “دفع الغطرسة الصهيونية عام 1973، اعتقادهم أنهم لا يهزمون وأنهم القوة العظمى في الشرق الأوسط، وأنهم لم يعودوا بحاجة إلى الاهتمام بالمخاوف المصرية والسورية لأنهما لم يكونا قويين للغاية”.
يواصل أنديك حديثه: “أن الغطرسة نفسها تجلت مرة أخرى في السنوات الأخيرة حتى عندما نخبر الصهاينة أن الوضع مع الفلسطينيين غير قابل للاستمرار.. ظنوا أن المشكلة كانت تحت السيطرة.. ولكن الآن تم نسف كل فرضيتهم تمامًا كما حدث عام 1973، وسيتعين عليهم أن يتصالحوا مع ذلك”.
واعتبر مارتن، أن هذه الحرب “عملية طوفان الأقصى” أسوا كارثة لكيان إسرائيل من هجوم يوم الغفران المفاجئ من مصر وسوريا، لأنها تتضمن إذلالًا محضًا للجيش الصهيوني”.
السجن الجماعي
يرى المحللون، أن “طوفان الأقصى” 2023، أعادت قضية القدس والمسجد الأقصى للواجهة وتأكيد حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وقضية الأسرى والتذكير بجريمة السجن الجماعي لسكان غزة المحاصرة منذ 17 عاماً، كما عملت عملية “سيف القدس” عام 2021، باعتبار أن تلك القضايا هي أبرز أسباب الصراع، ناهيك عن أسقاط عملية الطوفان الفلسفة التي قامت عليها اتفاقيات “أبراهام” والتي من أهم بنودها الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني.
وقال الكاتب في هآرتس، جدعون ليفي: “بالأمس، رأت كيان إسرائيل صوراً لم تراها في حياتها، سيارات عسكرية فلسطينية تقوم بدوريات في مدنها، ودراجات هوائية ونارية تقتحم تحصينات الكيان.
هذه الصور يجب أن تمزق عباءة الغطرسة.. لقد قرر فلسطينيوا غزة استعدادهم دفع أي شيء مقابل الحرية”.
هل ستتعلم كيان اسرائيل الدرس؟
هنا يجيب الكاتب جدعون: ” لا.. بالأمس كانوا يتحدثون بالفعل عن محو أحياء بأكملها في غزة وعن احتلال قطاع غزة ومعاقبة غزة “كما لم تتم معاقبتها من قبل”. لكن كيان اسرائيل تعاقب غزة منذ عام 1948، دون توقف للحظة واحدة.. 75 عاماً من التنكيل والأسوأ ينتظرها الآن”.
يضيف: “أن التهديدات بـ”تسطيح غزة” تثبت أمراً واحداً فقط: أننا لم نتعلم شيئاً.. وإن الغطرسة موجودة لتبقى حتى بعد أن دفعت كيان إسرائيل مرة أخرى ثمنا باهظا”.
وتابع: “يتحمل الصهيوني بنيامين نتنياهو مسؤولية ثقيلة جداً عما حدث، وعليه أن يدفع الثمن، لكن الأمر لم يبدأ معه ولن ينتهي بعد رحيله”.
ويتساءل الخبراء حول كيف تمكن أبطال عملية طوفان الأقصى من اختراق وتعطيل كل قدرات الجيش الصهيوني وجهازي الشاباك والموساد وتقنيات الطائرات المسيرة وأجهزة التنصت المتطورة وقدرة الذكاء البشري والاصطناعي في معرفة أدق المعلومات من مصادرها، وما يطلق عليهم “عباقرة وحدة النخبة” سيغينت 8200″، كل هذه الامكانيات المتطورة لم يكن لديها أدنى فكرة عما يخطط له في سراديب أنفاق رجال المقاومة الفلسطينية.
وهو ما أشار إليه الكاتب حاييم ليفينسون، أنه رغم تقنيات تل أبيب المتقدمة وقدراتها الاستخبارية، تمكنت حماس من نقل الحرب إلى الأراضي المحتلة دون أي رد فعل فعّال من الجيش الصهيوني”.. مطالباً بتغيير القيادة الصهيونية بأشخاص أكفاء تعالج وضع الكيان المتأزم.
ويجمع محللون عسكريون صهاينة أن عملية طوفان الأقصى هي فشل وإخفاق استخباراتي، حيث أفادت صحيفة “معاريف”، أن أجهزة الأمن الصهيونية لم تتوقع الهجوم وإن الوضع أسوأ بكثير مما هو معلوم حتى الآن في غلاف غزة، وأنه ليس صدفةً إغلاق هذه المنطقة بالكامل كي لا يشاهد أحد ما يحدث.. واصفة الوضع بالقول: “نحن في بداية كارثة على الشرق الأوسط كله”.
ويرى المحلل العسكري بصحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن هجوم حماس المفاجئ فاجأ كل أجهزة الاستخبارات، وانهارت العقيدة الدفاعية العملياتية عند حدود غزة”.
“الطوفان” منهج عسكري
بدوره، قال مستشار الامن القومي الصهيوني السابق، عيران عتصيون: “أن أي رد عسكري لن يعيد العجلة إلى الوراء ولن يغير حقيقة أن حماس وجهت لكيان إسرائيل ضربة تاريخية واستراتيجية ثقيلة”.
وأضاف على حسابه بمنصة “إكس”: “سيتم تدريس عملية “طوفان الأقصى” في المدارس العسكرية لسنوات عديدة قادمة”.
إهانة كيان أسرائيل
ويرى الخبير الصهيوني، نظير مجلي، أن تل أبيب تواجه إهانة كبيرة مست هيبة جيشها بعد 53 عاما من حرب أكتوبر.. قائلاً: “إنها صورة كبيرة لفشل أجهزة كيان اسرائيل في توقع هجوم حماس المباغت والدخول إلى المعسكرات والنقاط العسكرية والمستوطنات عبر المظلات وقتل مئات الضباط والجنود، مما شكل صدمة هائلة على المستوى الاستراتيجي وليس العسكري فقط”. |