- ينتشر انطباع في لبنان ان كل شيء قد قيل عن حرب تموز/يوليو عام 2006 حتى ليخال المرء ان قولا اضافيا لن يعدو كونه تنويعا على ما قيل اوصياغة جديدة في التعبير وليس في المعلومة اوالفكرة , والمشكلة التي تطرحها هذه الحرب هي انها كأية حرب أخرى تحتاج الى وقت فاصل للعودة الهادئة الى تفاصيلها ومجرياتها ودروسها والتأمل في بداياتها ونهاياتها بيدان هذاالوقت ليس متوفراًوقد لايتوفر في القريب العاجل لذا ترانا نعود اليها بايقاع سريع وكأنها ما برحت قائمة خصوصا ان الدولة العبرية تتصرف وكأن الحرب لم تنته وان جولة جديدة ستطرأ في اي وقت ربما بعد شهر من نهاية الحرب او بعد سنوات. 
  والواضح ان الدولة العبرية تتصرف على هذا النحو عن سابق تصور وتصميم فقد وافقت على وقف لاطلاق النار بصيغة "وقف الاعمال القتالية" ويبدو ان القوى الغربية أيضاً قد اصرت على هذه الصيغة التي تفصح بان الاعمال الحربية يمكن ان تستأنف في اية لحظة الا اذا استقالت المقاومة من دورها وفككت قواتها او تولى احد تفكيكها وفي هذه الحال تعود الامور الى مجراها الطبيعي وتعود اسرائيل الى سيرتها اي الى القول للبنانيين: انا الاقوى على حدودكم وبالتالي انا املك قرار السلم والحرب عندكم فان اردتم السلم عليكم ان تتصرفوا، كما اشتهي وبالطريقة التي احب.كل ما يدور عندكم يجب ان يكون خاضعاً لمصالحي لانني انا الاقوى وانتم الاضعف..وفي الماضي كان لبنان يستجيب لهذا المنطق وينظر له بصيغة "قوة لبنان في ضعفه".

الخميس, 29-يوليو-2010
بقلم/ كاتب/فيصل جلول -
ينتشر انطباع في لبنان ان كل شيء قد قيل عن حرب تموز/يوليو عام 2006 حتى ليخال المرء ان قولا اضافيا لن يعدو كونه تنويعا على ما قيل اوصياغة جديدة في التعبير وليس في المعلومة اوالفكرة , والمشكلة التي تطرحها هذه الحرب هي انها كأية حرب أخرى تحتاج الى وقت فاصل للعودة الهادئة الى تفاصيلها ومجرياتها ودروسها والتأمل في بداياتها ونهاياتها بيدان هذاالوقت ليس متوفراًوقد لايتوفر في القريب العاجل لذا ترانا نعود اليها بايقاع سريع وكأنها ما برحت قائمة خصوصا ان الدولة العبرية تتصرف وكأن الحرب لم تنته وان جولة جديدة ستطرأ في اي وقت ربما بعد شهر من نهاية الحرب او بعد سنوات.
والواضح ان الدولة العبرية تتصرف على هذا النحو عن سابق تصور وتصميم فقد وافقت على وقف لاطلاق النار بصيغة "وقف الاعمال القتالية" ويبدو ان القوى الغربية أيضاً قد اصرت على هذه الصيغة التي تفصح بان الاعمال الحربية يمكن ان تستأنف في اية لحظة الا اذا استقالت المقاومة من دورها وفككت قواتها او تولى احد تفكيكها وفي هذه الحال تعود الامور الى مجراها الطبيعي وتعود اسرائيل الى سيرتها اي الى القول للبنانيين: انا الاقوى على حدودكم وبالتالي انا املك قرار السلم والحرب عندكم فان اردتم السلم عليكم ان تتصرفوا، كما اشتهي وبالطريقة التي احب.كل ما يدور عندكم يجب ان يكون خاضعاً لمصالحي لانني انا الاقوى وانتم الاضعف..وفي الماضي كان لبنان يستجيب لهذا المنطق وينظر له بصيغة "قوة لبنان في ضعفه".
لم يكن بوسع المقاومة اللبنانية ان تفرض صيغة وقف النار الدائم بعد حرب تموز/يوليو 2006 لسببين الاول: لان اسرائيل ومعها الغرب كان يريد هذه الصيغة، والثاني: لان المقاومة لم تكن طرفاً مباشراً في المفاوضات بل حكومة تلك الفترة التي كانت تريد ما يريده الغرب ورئيس الحكومة في ذلك الحين لم يكف عن معانقة كونداليسا رايس بحرارة مستفزة للمشاعر في خضم التهديم الاسرائيلي للبنية التحتية اللبنانية وقتل الناس وتحطيم ممتلكاتهم وفي خضم حديث رايس عن بزوغ الشرق الاوسط الجديد على وقع المدافع الاسرائيلية بل يمكن القول ان حكومة تلك الفترة كانت تشدد على وجوب تسليم سلاح المقاومة واعادة الجنديين الاسرائيليين المخطوفين كشرط لوقف النار ما يعني ان حكومة التفاوض اللبنانية كانت هي الاخرى غير مصرة على صدور قرار لوقف نهائي للنار بل ربما كانت تتمنى لو ان القتال لم يتوقف لتتخلص من سلاح المقاومة وتمارس الحكم على هواها وهوى حلفائها المحليين والاجانب.
هكذا خرجت المقاومة اللبنانية من حرب تموز/يوليو وفق هدنة قتالية قالت اسرائيل فور اعلانها انها ستستأنف القتال في اي وقت ومازالت تقول ذلك بطريقة او باخرى اذ تتحدث عن اعادة بناء قواتهاالعسكريةوافادتها من اخطاء ارتكبت في الحرب واجراءمناورات لم يسبق ان اجرتهامنذ تأسيسها وصولاالى القبة الصاروخية المزعومة.
والواضح ايضا ان قرار وقف الأعمال القتالية قد اتخذ في سياق تشكيل قوة اممية في جنوب لبنان لم يسبق ان شكلت من قبل سواء لجهة نوعيتها ودولها او لجهة موقعها ودورها، فالعديد تجاوز 15 ألفاً من الجنود ومعظمهم من الاطلسي اي من افضل القوات المقاتلة في العالم عدة ونوعا والتموضع انحصر في جنوب لبنان بهدف منع السلاح في منطقة جنوب الليطاني اي ان الامم المتحدة تدير قوات اطلسية لنزع سلاح المقاومة من اجل حماية اسرائيل وليس من اجل حماية لبنان او حماية السلام بدليل ان هذه القوات لا تفعل شيئا ضد الطيران الحربي الصهيوني الذي يخترق يوميا الاجواء اللبنانية وبدليل انها لا تحتل مواقع على الجانب الاسرائيلي. انها بكل بساطة قوات دولية لحماية اسرائيل ولخوض معركتها في الصراع على النفوذ في الشرق الاوسط. وكل تفسير اخر لا قيمة له.
اما الحرب فانها لم تستانف للأسباب التالية:
اولاً: لان اسرائيل لم تتمكن من توفير شروط الغلبة في الحرب وما ان تتوافر هذه الشروط حتى تقع الحرب، اما الوقت فانه يلعب لصالح المقاومة التي تزداد قوة واستعداداً مع كل تأخير في اندلاع الحرب حتى صار من الصعب شن الحرب عليها لذا تجدر الاشارة الى ان المطالبين بنزع سلاح المقاومة ربما لايدرون انهم يطالبون باستئناف الحرب علما ان بعضهم يتمنى ان تستأنف حقاً.
ثانياً: لايمكن ان تستأنف الحرب في ظل الوضع المتدهور للقوات الغربية في الشرق الاوسط وبخاصة في افغانستان والعراق الا اذا كانت حرب لبنان تعويضا للغرب عن هزائمه هناك واذا كان بالامكان ضمان تلك النتيجة مسبقاً وهو امر من الصعب التأكد منه.
ثالثاً: لان الطرفان يستفيضان في استخدام الحرب النفسية كل منهما من اجل تخويف الاخروثنيه عن شن الحرب فمن جهة تسعى المقاومة لافهام اسرائيل ان الحرب المقبلة ستدورداخل فلسطين المحتلة وانها تنذر بنهاية الدولة العبرية ومن جهة ثانية تسعى اسرائيل لافهام المقاومة انها ستطيح بوجود لبنان وان الطائفة الشيعية تغامر بوجودها اذا ما شنت الحرب.
رابعاً: يسعى كل طرف لاقناع الطرف الاخر بانه يحتفظ بمفاجآت وان من مصلحته الايشن الحرب كي لا يفاجأ بما سيقع وكأن كل منهما يقول انا لااريد الحرب فلتكن مصلحتك في عدم اندلاعها طالما ان من مصلحتي ايضا الا تندلع.
خامساً: تسعى اسرائيل في الوقت الضائع للحصول على غلبة معنوية جزئية عبر ممارسة الاغتيالات وتهديد المقاومة بشن الحرب كثمن للرد على اي منها وبذلك تكون قد بينت امام الصهاينة انها ما زالت الاقوى على الارض وانها مازالت قادرة على فرض شروطها بيد ان هذا "البوكر" قد يكون مخادعا فقد ترد المقاومة في الوقت الذي تراه مناسبا وقد ينكشف "البوكر" الاسرائيلي وفي هذه الحالة يحتاج الامر الى ترميم الردع بكلفة اكبر وقد لا يرمم الامر الذي ينقل زمام المبادرة الى الطرف اللبناني و يصبح خطر شن الحرب من الجبهة اللبنانية وارداً بقوة.
سادساً: لايمكن لاسرائيل ان تعيش في هذه المنطقة اذا كانت مغلوبة وبما ان المقاومة تعتبر ايضا انها غير قادرة على العيش في محيطها في موقع المغلوب فان الطرفان يخوضان حرب وجود: مطار ضد مطار ومدينة ضد مدينة ومدنيون ضد مدنيين انها مسالة حياة او موت بالنسبة للطرفين الا اذا ارادت اسرائيل الالتفاف وبالتالي التخلي عن الجولان السوري لقاء سلام شامل مع لبنان والمنطقة بشروط مناسبة لسوريا لكن في هذه الحالة سيكون على اسرائيل ان تخسر ايضا مع الفلسطينيين
وسيكون حاصل الخسارة بحجم يصعب استيعابه لذا فالراجح ان تستمر اسرائيل في الاستعداد للحرب على ان تكون ساعة الصفر متحركة في اية لحظة يمكن لها ان تلحق اذى بالمقاومةوبرموزها وان حصل ذلك فان المقاومة ستقذف حممها على الكيان العبري وقد تفكر باطالة امد الحرب من اجل تاديبه وربما دفعه نحو الانهيار.
بعد اربع سنوات تستمر حرب لبنان بوسائل اخرى وقد لا تتوقف حتى ينهار احد الطرفين والرهان هو ان تكون اسرائيل الخاسر الاكبر بطبيعة الحال فخسارتها باتت الشرط الأبرز لاستقرار الشرق الاوسط وضمان السلام العالمي.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 11:09 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-481.htm