-  الاشموري

الإثنين, 16-يوليو-2012
صعدة برس -
بقلم / مطهر الأشموري -
لم أشارك في حياتي سوى في مؤتمر واحد للمؤتمر الشعبي العام عقد بالكلية الحربية في الروضة عام 1995م كما اعتقد "ما بعد محطة 1994م".

بين ما شاهدته كشاهد وجزء من المشهد في فناء وساحة الكلية ما سمي الترشيح والانتخاب للجنة الدائمة في "هوشلية" المرشحين والناخبين وبما لا يتصور حدوثه أو حدوث مثله في عملية تسمى "انتخابات" ولو في إطار حزب، والترشيح هو في دفاتر أو كراسات قابلة لأي عصد أو عصيد.

هذه الدفاتر نقلت إلى اللواء علي محسن ومساعديه من الطرف الآخر "الإخوان" ولم يكن لديهم وقت لقراءة دفاتر معصودة أو ما في الدفاتر من عصيد، فاكتفوا باستعراض كشف المرشحين لعضوية اللجنة الدائمة واختاروا الخمسمائة اسم على أنها محصلة للانتخابات.

هذه الحالة هي جاءت مع مجيء الرئيس السابق علي عبدالله صالح أو ارتبطت بمجيئه، فالانقلاب على القاضي الإرياني كرئيس أو تصفية الحمدي ومن ثم الغشمي ارتبط بحروب المناطق وبالحروب والعلاقات الشطرية بين النظامين في صنعاء وعدن، ومن ثم بالأطراف الخارجية الأخرى.

فإذا الرئيس صالح نجح عبر الاستعانة بالإخوان في تحقيق النصر في حروب المناطق الوسطى فالخطر عليه كنظام لم يعد من الشطر الآخر أو الجار الآخر وإنما في وضع الإخوان في معادلة الواقع كثقل طامح وطامع.

ولهذا فصالح هرب إلى الأمام في تعددية غير معلنة تحت مظلة المؤتمر يمارس "الفرملة" للإخوان بالقوميين واليساريين، وهو هرب أيضا إلى الأمام حين تحقيق الوحدة لأن هذه المعادلة كانت قد استنزفت أو أزفت والإخوان يشددون ضغط السعي للاستيلاء على الحكم.

بمجرد اهتزاز العلاقة بين شريكي الوحدة "المؤتمر والاشتراكي" فالإخوان استعادوا دورهم وتموضعهم كنظام لعلي عبدالله صالح، فيما المؤتمر يظل طرفاً يهرب إليه صالح إلى الأمام حين تحدق الظروف أو حين تحليق المحطات وتجاه ما يتصل بالتطرف والإرهاب تحديداً.

ولذلك فالإصلاح ظل يطرح بعد محطة حرب 1994م أنه حزب المغرم والذراع اليمنى للرئيس صالح فيما المؤتمر حزب المغنم، ويفهم من سياق ذلك أن المؤتمر حزب فساد فيما الإصلاح للفساد والإفساد والمؤتمر للنجاح في انتخابات والإصلاح هو النظام ومن يحكم في كل الفترات، وما يسمى دخول الإصلاح شراكة أو خروجه مجرد تمويه أو في إطار مناورات وتكتيكات.

الإصلاح أو الإخوان طرحوا في بداية محطة 2011م بأنهم كانوا مجرد "كارت" لعلي عبدالله صالح حتى عام 2006م، والطبيعي أن هدف هذا الطرح خدمة تموضعهم ثورياً في هذه المحطة، ويريدون القول إنهم كانوا في حروب الجهاد بأفغانستان أو في معاهد علمية توازي "طالبان" مجرد "كارت" لصالح الذي عليه تحمل مسؤولية "كارثة".

تعيين الإصلاح عبر علي محسن ومساعديه لأعضاء اللجنة الدائمة يؤكد أن علي عبدالله صالح ومنذ انتهاء حروب المناطق الوسطى اقتنع بأن يكون بقايا نظام ويحسن من هذا الوضع وضعه ودوره ما استطاع، فيما الإخوان "الإصلاح" هو النظام وهو لم يشأ مبكراً أن يكون البشير في إنقاذ السودان فمارس وسيط حوارات الأحزاب اليمينية واليسارية لصياغة الميثاق الوطني، فأصبح الوسيط أو الإدارة لذلك الحوار هو الطرف السياسي المعروف بـ"المؤتمر".

الإخوان انتزعوا التربية والتعليم بحق القرار السيادي بما لم يحدث ولن يحدث في بلد أو مع رئيس، والإخوان فرضوا جهاد أفغانستان في واقع البلد وتحفظ أو رفض الرئيس أو النظام لا أثر له في الواقع، والنظام في اليمن هو الذي كان واقعه الجهاد في أفغانستان.

إذا الإخوان "الإصلاح" اعتبروا سير الرئيس لتوقيع اتفاق الوحدة هو انقلاب عليهم كنظام من رئيس هو مجرد بقايا لنظامهم، فالرئيس كان عليه بعد محطة 1994م أن يترك لهم اختيار أعضاء اللجنة الدائمة ليستعيد نفس الخطوة لديهم ونفس دعمهم.

لعل الزميل العزيز نبيل الصوفي الذي وصل في هذه الفترة إلى رئيس تحرير "الصحوة" الناطقة بلسان الإصلاح تعاطى هذه الفترة مؤخراً بقوة وحقائق إقناع كمعايش من وجه وبيئة الإخوان، وأنهم حكموا الرئيس صالح في سقف العودة أو السماح للاشتراكي في الحياة السياسية، واعتبروا أية خطوة في ذلك بمثابة انقلاب عليهم كما اتفاق الوحدة.

في عهد علي عبدالله صالح فعامة الناس يجمعون على أنهم أحسوا أو عرفوا "نظام الإصلاح" ولم يحسوا أو يعرفوا ويتعرفوا على نظام اسمه "المؤتمر الشعبي"، فإذا المؤتمر كان- كما طرح البعض خلال العقد الماضي- هو حزب الحاكم فالإصلاح ظل هو الحزب الحاكم وحاكم الحاكم.

ربما الرئيس السابق صالح الذي ظل قرابة العقد متردداً أو مرتعشاً حتى ينفذ قانون توحيد التعليم وتحت ضغط الواضح القادم كمتغير دولي كان يعتقد أنه حين الوصول إلى محطة 2001م فذلك سيمثل النهاية للإخوان ليصبح بين الإرث التراث كما الأحزاب القومية الأممية، ودفاعه عن الزنداني أو غيره يثبت الوفاء للإخوان على أن الحل هو معطى للمحطة لا دور فيه ولا إحراج له كحاكم.

أسوأ الاحتمالات هو محاورة هذا الطرف أميركيا، ولعل ذلك ما دفعه لقدر من الانفعال في آخر لقاء بصنعاء مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عام 2010م، والتي بدورها ردت باجتماع مغلق وسري في السفارة الأميركية بأحزاب المعارضة.

عامة الناس يؤكدون أنهم خلال الفترة الانتقالية حتى الآن كوفاق وحكومة وفاق لا يحسون إلا بالإخوان كنظام، والسبب هو أن الإخوان كانوا وظلوا هم النظام وليس المؤتمر.

الإصلاح يملك "كود" وشفرة النظام الذي ظل يحكم منذ حروب المناطق الوسطى حتى اليوم أكثر من المؤتمر أو أي طرف آخر.

ثلاثة عقود انتهت وعلي عبدالله صالح يحاول تحسين صلاحياته أو انتزاع صلاحيات له كرئيس من الإصلاح كنظام، ولذلك فمحطة 2011م إن فاجأته كثورات فهي فاجأته أكثر كمحطة لإيصال الإخوان للحكم، وهو الطرف الجاهز وفي أعلى جاهزية مالاً وتمويلاً وعدة وعتاداً.

ما حدث لصالح في جامع دار الرئاسة يؤكد أنه بقايا نظام قرر النظام تصفيتها ليتحرر من بقايا ظلت تلعب ولم يستطع التحرر والتخلص منها منذ حروب المناطق الوسطى.

محطة 2011م كثورات جاءت من حيث لا تعي ضد بقايا نظام هو الحاكم في اليمن ومع النظام الذي ظل يحكم ولم يحتج من كبار وأثقال الفساد غير الخروج إلى الساحة كثوريين ليكون النظام القائم هو القادم باستثناء الحاكم!.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-5285.htm