- يتعرض مسلمو الروهينغا في ميانمار على مدى العقود الماضية لانتهاكات جسمية لحقوقهم الإنسانية، شملت حرمانهم من حق المواطنة وتعريضهم للتطهير العرقي ..

الثلاثاء, 07-أغسطس-2012
صعدة برس -
يتعرض مسلمو الروهينغا في ميانمار على مدى العقود الماضية لانتهاكات جسمية لحقوقهم الإنسانية، شملت حرمانهم من حق المواطنة وتعريضهم للتطهير العرقي والتقتيل والاغتصاب والتهجير الجماعي الذي لا يزال مستمرا حتى اللحظة والتي جاءت الأحداث الأخيرة لتحييها مرة أخرى وتحصد أرواح ما يقرب من20 ألف مسلم وتشريد آلاف آخرين بعد حرق منازلهم.
بدأت هذه الممارسات ضد الروهينغا الذين يستوطنون بكثافة شمالي إقليم راخين (أراكان سابقا) في عهد الاستعمار البريطاني الذي قام بتحريض البوذيين وأمدهم بالسلاح حتى أوقعوا بالمسلمين مذبحةً عام 1942 ففتكوا خلالها -وفقا لمختلف التقارير- بحوالي مائة ألف مسلم.
وبعد أن نالت ميانمار استقلالها عن بريطانيا في عام 1948، تعرض الروهينغا لأبشع أنواع القمع والتعذيب وتواصل هذا الجحيم بموجب قانون الجنسية الصادر عام 1982م والذي ينتهك المبادئ المتعارف عليها دولياً بنصه على تجريد الروهينغا ظلماً من حقوقهم في المواطنة.
وترتب عن هذا القانون حرمان مسلمي الروهينغا من تملك العقارات وممارسة أعمال التجارة وتقلد الوظائف في الجيش والهيئات الحكومية، كما حرمهم من حق التصويت بالانتخابات البرلمانية، وتأسيس المنظمات وممارسة النشاطات السياسية.
وفرضت الحكومات المتعاقبة في ميانمار ضرائب باهظة على المسلمين، ومنعتهم من مواصلة التعليم العالي، إضافة إلى تكبيلهم بقيود تحد من تنقلهم وسفرهم وحتى زواجهم. كما تشير تقارير إلى أن السلطات قامت في 1988 بإنشاء ما يسمى "القرى النموذجية" في شمالي راخين، حتى يتسنّى تشجيع أُسَر البوذيين على الاستيطان في هذه المناطق بدلا من المسلمين.
ولم يكن الجانب الديني والعقائدي بمنأى عن تلك الإجراءات القمعية، حيث تشير مختلف التقارير إلى قيام سلطات ميانمار بتهديم مساجد ومدارس دينية في المناطق التي يقطنها الروهينغا، إضافة إلى منع استخدام مكبرات الصوت لإطلاق أذان الصلاة، ومنعهم من أداء فريضة الحجّ باستثناء قلة من الأفراد.
ورغم حدوث ما يشبه الانفتاح في ميانمار خلال السنوات الأخيرة، زادت أوضاع الروهينغا سوءا وأصبحت قضيتهم تتصدر عناوين الأخبار جراء القمع والتهجير الجماعي الذي يواجهونه.
فقد تجدد قمع المسلمين في مايو الماضي بعد اتهامهم بالوقوف وراء حادثة اغتصاب وقتل امرأة بوذية، حيث اعتقلت الشرطة ثلاثة منهم، وتبع ذلك مطاردات وهجمات أسفرت عن مقتل العشرات من المسلمين في موجة العنف التي اندلعت بعد الحادث.
وحسب ما ذكرت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش في وقت سابق فإن قوات الأمن في ميانمار نفذت اعتقالات جماعية بحق المسلمين ودمرت آلاف المنازل. وحاول النازحون الهرب عبر نهر ناف إلى بنغلاديش المجاورة. وتوفي البعض أثناء العبور.
مع العلم أن السلطات لا تقدم أرقاما دقيقة عن عدد القتلى، بينما وصفت وسائل الإعلام في ميانمار المسلمين في بداية الاحتجاجات بالإرهابيين والخونة.
وقد أوردت صحيفة نيويورك تايمز من جهتها في تقرير لها الشهر الجاري عن أوضاع مسلمي الروهينغا أن ما يتعرض له هؤلاء من قتل وتشريد يرقى إلى "التطهير العرقي".. مشيرة إلى أن أوضاع المسلمين تدهورت رغم الخطوات الديمقراطية التي تحققت في ميانمار.
كما جاء في تقرير أخير للمفوضية العليا للاجئين أن الروهينغا يتعرضون لكل أنواع "الاضطهاد"، ومنها "العمل القسري والابتزاز وفرض القيود على حرية التحرك، وانعدام الحق في الإقامة وقواعد الزواج الجائرة ومصادرة الأراضي".
وقالت المفوضية إن هذا الوضع دفع عددا من المسلمين إلى الفرار، وأشارت إلى أن المؤسف أن هؤلاء غير مرحب بهم عموما في البلدان التي يحاولون اللجوء إليها.. كما تصفهم الأمم المتحدة بأنهم إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم.
ورغم الاعتراف الأممي بالوضع المأساوي لمسلمي ميانمار فإن رئيس هذه الدولة ثين سين لم يحرك ساكنا وإنما طلب من الأمم المتحدة إيواءهم في مخيمات لاجئين، حيث قال خلال لقائه مع مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أنتونيو غوتيريس "إن الحل الوحيد لأفراد هذه العرقية يقضي بتجميعهم في مخيمات للاجئين أو طردهم من البلد".
وحسب الموقع الإلكتروني للرئاسة في ميانمار، فقد أبلغ الرئيس سين المفوض غوتيريس أنه "ليس ممكنا قبول الروهينغا الذين دخلوا بطريقة غير قانونية وهم ليسوا من إثنيتنا".
ونشير الإحصائيات إلى أن أعداد المسلمين في ميانمار تتراوح ما بين خمسة وثمانية ملايين نسمة يعيش 70% منهم في إقليم راخين، وذلك من ستين مليون نسمة هم إجمالي تعداد السكان بالبلاد.
ويمكن القول أن السنوات بل العقود من ألوان العذاب المختلفة التي عانت منها أقلية الروهينجا دون تدخل من منظمات حقوق الإنسان أو أي جهات أخري لوقف تلك الانتهاكات بالرغم من تصنيف الأمم المتحدة لهم كأكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم وبعد المجازر التي حدثت مؤخرا وبعد صمت طويل، أخيرا اعترفت منظمة العفو الدولية بالانتهاكات التي قام بها البوذيون في حق المسلمين ولكن السؤال هل ستتخذ أي خطوات إيجابية لإنقاذهم خاصة بعد أن ظهر رئيس بورما مؤخرا ليبرر وبأسلوب مستفز ما يحدث في حق المسلمين بأنهم جماعات دخيلة ومثيرة للشغب والأعمال التخريبية غير مرغوب فيها ويجب ترحيلهم خارج البلاد تلك الكلمات التي زادت الأقلية المسلمة هما لما يرونه من مستقبل غامض.



سبأ
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-5564.htm