- رمضان هذا العام هجم على الجميع بغتة كهجوم الموت على الأحياء . 
نحن موقنون بالموت وقدومه ولكننا نتعامل معه بشك يكاد يلغي اليقين به..
و تعاملنا مع رمضان هذا العام يشبه ذلك تماما .. فقد كان قادما والحسبة الفلكية والتنبؤات تخبرنا به ..ولم نهرع لملاقاته .

الجمعة, 13-أغسطس-2010
عبدالجبارسعد -
رمضان هذا العام هجم على الجميع بغتة كهجوم الموت على الأحياء .
نحن موقنون بالموت وقدومه ولكننا نتعامل معه بشك يكاد يلغي اليقين به..
و تعاملنا مع رمضان هذا العام يشبه ذلك تماما .. فقد كان قادما والحسبة الفلكية والتنبؤات تخبرنا به ..ولم نهرع لملاقاته .
****
قدم علينا .. وكان علينا أن نفرش أرواحنا وأجسادنا لهذا القادم الكريم يضع عليها خطاه ويطهرنا مما حملناه طوال عام من مخالطة الدنيا والمطاعم والمشارب وأصناف الشهوات .. بحيث ثقلت أجسادنا بماحملت ورزحت أرواحنا تحت وطأة ما اقترفنا من الآثام والغفلات و الذنوب .
كان علينا أن نلقيها بين يديه ونعينه على تقليبها وتطهيرها كما ينبغي أن نفعل في كل عام لكننا لم نفعل ..صحيح أننا تهيأنا لصلاة الجماعات وللصيام والقيام .. وربما بحثنا عن سبحات جديدة آو اكتفينا بالبحث عن تلك القديمة وفتشنا عن المصاحف ..والأصح أننا كعادتنا حشدنا في المطابخ ما لايحتاجه الصائمون في رمضان !!وأعددنا التمور والحلويات و قمنا بغيرها من الأنشطة التي يحركنا فيها رمضان .. ولكن مع كل هذا فإن رمضان غريب عنا هذا العام غربة لا تشبهها غربة سابقيه وإن كانت غربته منذعقود.
****
من أين نبدأ ..؟ من فلسطين وتبجح الأعداء بأنهم قتلوا المؤمنين الأتراك في عرض البحر وندمهم على أنهم لم يسرعوا في القتل .. من جرفهم لماتبقى من قبور الصحابة والأولياء من استمرار حصارهم لغزة وغيبة العرب حكاما وساسة وقادة.. من استمرار قتلهم لإخواننا لغير سبب .. من استمرار الآلاف في الأسر واستمرار الملاحقة لمن تبقى خارجه .. ؟
أم نبدأ من العراق حيث لا يزال الموت والرعب سيد الموقف والأشلاء تتطاير كل يوم ..وقوادو الاحتلال يتنازعون على الغنيمة.. من ملايين المهجرين في داخل وطنهم وخارجه .. ومن ملايين الأرامل واليتامى .. ومن قادة وسادة العراق العظام يساقون للموت بغير حساب .. من بلد كان منارة في كل شيء وأصبح يعاني من سوء كل شيء .. من غياب الكهرباء والماء .. من أمراض تفتك بالأطفال والنساء والرجال .. من فساد يلتهم مئات مليارات الدولارات كل عام ولا يحقق لبنيه حتى قطرات ماء صالحة للشرب .. من بلد مستباحة لكل عدو حاقد ..؟
أم من السودان التي يمزقها الأعداء على مرأى ومسمع كل إخوانه العرب والقليل الذي يريد ان يساعده من الحكام يبعدهم عنه غيرهم .. من جراحات تنزف فيه ولا تجد من يضمدها من إخوانه .؟من أوكامبوس الصهيوني الأجير .. يبرز بين الفينة والفينه شاهرا سيفه يطلب راس البشير وحكام العرب يتفرجون صامتين ؟
..
من الصومال الجريح الغارق بدماه منذ عشرين عاما يرحل من نكبة الى نكبة ومن هجرة الى هجرة ولا أمل قريب بإنقاذه مماهو فيه ..
من أفغانستان وباكستان حيث تتكالب عليهما امريكا وبريطانيا وحلفائهما وقواتهما الغازية وطائراتهما مع حكامهما مع الكوارث الطبيعية لتشرد الملايين وتقتل الآلاف وتروع الباقين .. وتفقد الجميع الأمل بحياة الكرامة والدعة والسرور .
وأخيرا وليست المنتهى ههنا اليمن المثخن بجراحه حيث يتآلف ويتداعى القتلة والمجرمون المأجورون من كل صوب وتحت كل قناع مع الساسة العملاء بدعاواهم العريضة التافهة والرخيصة مع فساد كثير من المفسدين في داخل النظام ليحيلونا إلى مشروع مأساة تجمع كل مآسي بلاد العرب والمسلمين ..
****
أجل ..هذا رمضان يهجم علينا ونحن لم نتدبر أمرا لنا ولا له ولا لسائر إخواننا العرب والمسلمين ..
فهل سيحملنا رمضان على السلامة وهل سيمنحنا المولى والحال كذلك ما نرجوه من فيض رحمته ومغفرته ورضوانه رغم كل تقصيرنا رحمة بحالنا المحاطة بشتى أنواع المعاناة والمآسي والفقر والآلام .. ؟
إن الكريم إذا قدر عفا .. والمعول عليه هو فضل الله وكرمه وليس على سوى ذلك نعول .. إنه جواد كريم رحيم ..
ورمضان كريم أيها العرب والمسلمون ..
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-576.htm