عبدالله السالمي -
لماذا لا نعترف؟!.. الواقع أن الانتماء القبلي لم يزل يمثّل مشكلة لدى الغالبية منا، إن لم يكن الجميع..
أنا لا أدعو إلى تجاوز الأعراف القبليّة، فقد كان المجتمع في ظلها يجني الكثير من ثمار الاحتكام إلى قيم العدل والتكافل والنصرة، وعهدي به موفور الحياء، شديد الإباء، سريع النخوة، مصون الشرف والكرامة.. فعمر الأعراف القبليّة - في مرجعياتها الأصلية - لم تكن يوماً ضد ما يحفظ كرامة الإنسان وينتصر له..
ومرة أخرى: الأعراف القبليّة الأصيلة.. وقد كان ذلك فيما مضى بالتأكيد، إذ من ذا الذي يستطيع أن يجزم بأن قبليّة اليوم لم تزل على أصول التي سبقتها؟!.. وطالما لا أحد يمكنه ذلك فلماذا لا يصدق أن كثيراً مما طرأ عليها قد سلب منها جوهرها الأصيل، ولم يبق لها إلاّ الشكل مع بعض الفتات؟!..
ذلك- إذاً- منبع الإشكال في غالبية تفاصيل قبليّة اليوم.. وهو ما أردت أن نعترف به كعائق يحول بيننا وبين العودة إلى الأصول المرجعية الواحدة، ليس لقبليّة الأمس وكفى، وإنما الدينية والوطنية كذلك.. ومن هنا فهل يصح أن ننطلق من الانتماء القبلي الضيق في التعامل مع مختلف شئون حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية؟!
إن ما يريده لنا البعض من اتخاذ الولاءات القبليّة الضيقة مرجعاً ننطلق منه لهو إرادة خاطئة، تفسد أكثر مّما تصلح، وتهدم أكثر مّما تبني، وتفرق أكثر مما تجمع، ليس لأنها تتعارض مع ضرورة توجيه الولاء للأهداف الوطنية العليا فحسب، وإنما- للمرة الثالثة- لأن الأعراف القبلية الأصيلة تعيدنا جميعاً، كأبناء وطن واحد، إلى أصول أسرية تلتقي على النسب والجوار والقربى.. وقبل ذلك على الدين الجامع، والإنسانية الشاملة، والموقع الجغرافي، والمصير المشترك..
والآن- على اعتبار صحة تخصيص الحديث عن اليمن في ظل ما يواجهه من تحديات تنموية واسعة- هل يدرك أبناؤه أيّ ولاء جامع هذا الذي يتوجب عليهم اتخاذه منطلقاً في مهمة البناء والتطوير.. وإشاعة ثقافة النور والسلام؟!
إني لآمل ذلك، فما هو منهم ببعيد.. وليس عنهم بغريب..