- الوجه القبيح لدعاة الدولة المدنية

السبت, 06-أكتوبر-2012
صعدة برس -
د.عـادل الـشـجـاع
واجهت اليمن خلال الأزمة التي مرت بها أربع مشكلات، لا يمكن للدولة المدنية أن تقوم من دون تجاوزها؛ أولها: الأزمة الأمنية، فقد نشأت هذه الأزمة نتيجة لخروج المجرمين والإرهابيين والمليشيات القبلية والدينية، وفقدت قوى الأمن هيبتها وإمكاناتها، والدولة المدنية لا يمكن بناؤها، بينما الاستقرار غائب، ودعاة هذه الدولة من مشايخ وقبائل وجنرالات وشباب عاطل ورجال دين يقتاتون باسم الدين، كل هؤلاء خرقوا القانون تحت شعارات ثورية، وعندما يكون المجرمون أكثر قوة وتسليحاً من قوات الأمن فإن الدولة المدنية لا يمكن أن تقوم؛ لأن قيامها يعتمد في الأساس على احترام القانون.
وثانيها: تأتي الأزمة الاقتصادية التي عصفت باليمن، ولا أجانب الحقيقة إذا قلت: إن اليمن كانت - لأسباب شتى - قد بدأت تعيش فترة من النمو الاقتصادي قبل الأزمة، ولكنها بعدها تراجعت، وضربت بنيتها التحتية، وزادت البطالة، وتعطلت عملية الإنتاج والخدمات، وانكمشت الإمكانات الوطنية، وهذا أسوأ ما يعيق الدولة المدنية.
الأمر الثالث: ظهر في تعطيل انتخابات المجالس المحلية المنتهية فترتها، وعدم الاستقرار على الشكل النهائي للجنة الحوار التي تتوسع بين الحين والآخر بدون ضوابط، بما يدل على المأزق الذي تعيشه السلطة ومعها القوى السياسية ودور الدولة التي احتارت بين الحريات العامة والحرية الفردية.
وأخيراً فإن السلطة الجديدة تعلق مشاكلها على ما يسمى النظام القديم، وتحاول الهروب من استحقاقات المساواة في العدالة إلى ما يسمى العدالة الانتقالية.
لقد أظهرت القوى المنادية بالدولة المدنية أنها تمثل الوجه القبيح لهذه الدولة، فها هي هذه القوى تحاول الاستيلاء على مفاصل الإعلام والمحافظات والجيش والأمن والتربية والقضاء، إنه الوجه القبيح - كما قلت - فنحن أمام عنف مناطقي وطائفي وتدخل أجنبي، وبدلاً من الذهاب نحو الدولة المدنية والنظام والقانون إذا بنا نمضي نحو الحرب الأهلية، وأصبحت المليشيات فرقاً وشيعاً من الشباب المؤمن والحراكيين والمجاهدين والقبائل التي لها نصيب في الحفل الدموي الجديد.. فمازالت الحصبة وصوفان في أمانة العاصمة تكتظ بمسلحي حاشد وأخيه بكيل، حتى هذه اللحظة والفرقة مازالت تحتل جامعة صنعاء، وصادق الأحمر يمسح بكرامة الصحفيين والإعلاميين الأرض، ولم يرد عليه أحد من أولئك الذين استفزهم طلبي ذات يوم بأن يكون هناك إعلام حر، وراحوا يبصقون كل قذارتهم عليّ، مع أنني كنت أنتصر لهم، لكنهم لا يجرؤون على الانتصار لأنفسهم من صادق الأحمر الذي جعلهم وصحفهم وكتاباتهم أداة من أدوات المراحيض.. هؤلاء هم دعاة الدولة المدنية وحماتها يشتمون الصحفيين تارة والناشطات السياسيات تارة أخرى.
لكن أولئك الذين لم يتقبلوا آراءنا يعتبرون مثل هذه الشتائم التي تطلق من الذين امتهنوا العمالة ويفاخرون بأنهم يستلمون أموالاً من الخارج على أنها مكرمة يعتبرون مثل هذه الشتائم ثورية حميدة.. كم هلل العاطلون القابعون في خيامهم وبعض الصحفيين والأكاديميين والناشطين السياسيين لانتهاك القوانين والأعراف الناظمة لحياة الجماعة الوطنية التي اعتبروها مصدر بؤسهم وهزائمهم، واعتقدوا أن بقاءها ضارة بهم ومخالفة لمصالحهم الحقيقية، فما العيب أن يمدوا أيديهم للخارج ويرمون الوطن وراء ظهورهم؟.. لم يعد هناك جماعة وطنية تتمسك بهذا الوطن، الأمميون مع إيران ابتداء بعلي سالم وانتهاء بسلطان السامعي، والإخوان والسلفيون مع السعودية ومن وراءها أمريكا، والناصريون يتقيأون حقدهم الأسود، ويتعلمون عن القومية وهم يشاركون في ضرب الوحدة الوطنية.
كل هؤلاء يدوسون الوطن بأقدامهم، ويشجعون على انتهاك النظام العام والقانون والحكم الرشيد والسلوك الأخلاقي ويتعاطون مع الوحدة الوطنية بكل احتقار؛ لأنهم يعتبرونها إرثاً تركه لنا علي عبدالله صالح، يتوقف تقدمنا على التخلص منها كي نصل إلى الحاضر السعيد.
إن دعاة الدولة المدنية لا يعرفون سوى منطق الشيخ والقبيلة والدولة الدينية، وهم يعتمدون نهجاً في السلوك والعمل يبطل كل سلوك وعمل صحيح أو نبيل ليحولوا انتهاك القانون إلى انتهاك لكرامة وحقوق ووجود كل مواطن، وإبطال لوجود الدولة والمجتمع.
لم يبق في حقول الشأن العام المختلفة غير العملاء ومنتهكي القانون وآخذي الأموال من الخارج تحت مسمى مكرمة، ويمارسون الإفساد العام والشامل الذي اخترق جميع أوجه الحياة وأرهق المجتمع.. زعموا بالأمس أن ثورتهم أنهت الثارات ومحت الطائفية، واليوم الإصلاحيون والحوثيون يسنون رماحهم للمنازلة الكبرى.. قالوا: إنهم توحدوا من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، واليوم أصبحت الوحدة في خطر حقيقي، وتحولت العدالة إلى نهب جامح لفقراء الشعب المساكين وإثراء لقلة متناقصة من اللصوص الذين مدوا أيديهم للخارج، وقانون الاجتثاث يسير على قدم وساق، وصخر الوجيه يأمر بتوقيف مخصصات جامعة صنعاء؛ لأنهم لم يستطيعوا تعيين رئيس لها خارج القانون.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:22 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-6438.htm