صعدة برس - فكري قاسم
استيقظنا ذات صباح وقد قامت الوحدة.
ذهبت البراميل من النقاط الحدودية، وأخبرتنا حكومة اليمن الموحدة. يومها بأننا شعبها، وأن علينا احترام القانون ودفع الضرائب وحماية الوحدة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يومها غنينا "يافرح ياسلا" ومن سوء حظ تلك اللحظة الجميلة، أن الفرح لم يدم طويلاً. يا للخسارة. لقد قامت حربٌ سريعة وسخيفة، ازدحمت – بسببها- ذاكرة الناس بكل ما من شأنه جعلنا كما حَبّة فول انقسمت نصفين!
لم يكن لائقاً بنا أن نسميها حرباً، لكن الضحايا لا يزالون حتى اللحظة يعدون موتاهم وخسائرهم؟! ناهيك عما صارت عليه أمور"النهب والفيد" آنذاك.
في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كان الحزب الشمولي حاكماً وكان المشايخ المحظوظون والنافذون والمقربون- في الغالب-هم طاقم (الجمهورية العربية اليمنية) بامتياز.
عام1990 حدثت المعجزة وتعانق نظامان كلاهما ضد.
الأول يساري شيوعي كان قد خطا مسافات لا بأس بها في اتجاه الدولة المدنية في عدن،والثاني نظام أسري (قَبَلي) يقول إنه يعمل بكتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم..
كان يوجد في الجنوب نظام وقانون ومجتمع مُنفتح وقضاء لا تتآكل في أدراجه قضايا الناس. وفي الجنوب الاشتراكي لم يكن لديهم أرصدة ضخمة ولا جنابي ولا بنادق ولا أسواق مكتظة بعبوات البطاط والطماط، كدليل على نشاط حركة البيع والشراء الرأسمالية إن صح تسميتها كذلك.
في الجنوب كان الطابور وحده هو الذي يدفعك للأمام، وكل شيء يسير بالدور، على عكس الشمال الرأسمالي كان كل شيء موجود، البطاط والطماط والبسكويت والمطر والبرد، عدا الطابور والقانون فقط كانا غائبين؟!
قبل سنوات قال لي أحد ناهبي الوحدة في (مقيل قات) واضعاً مقارنة الفضيلة بين النظامين، قال:
يا أخي شوف كيف كُنَّ النساء في عدن يخرجن إلى الشوارع (مقعشات بشعرهن) كاشفات عن شعرهن، وكيف أصبحن اليوم بفضل الوحدة كلهن مُحجبات!
شكراً للوحدة التي حجَبَت النسوان عموماً، وحجَبَت الرجال في بيوتهم كمان!... شكراً للفضيلة وللزلط والطماط والبطاط القادم من الشمال؟!
وتلك – طبعا- هي عادة أولئك المشعوذين الذين يحاولون أن يعطوا لهذا الشُح في الضمير، ملامح دولة ودين!
*صحيفة اليمن اليوم |