- الوطن في السايله ؟!

الأحد, 14-أكتوبر-2012
صعدة برس -
*يـحـيـى الـسـدمـي
أكثر من خمسين مسلحا من رجال هذا الوطن ومحاربيه القدامى والجدد.. شواربهم مفتولة وجنابيهم مسلولة ونواياهم قاتلة لامقتولة .. عيونهم رادارات ترصد كل حركة وكل همسة وكل نفس .. نظراتهم نار وشرار وتحيتهم بارود ورصاص .. شعر رؤوسهم المدبوغ بالسليط "الترتر" يذكرك بممثلات السينما العربية في إعلانات شامبو اثنين في واحد .. لاتستطيع التفريق بينهم وبين "رامبو" أغلبهم ملثمون حتى لا يثيرون بوسامتهم وحسن ملامحهم فتنة بين النساء أسوة بجدهم الشاعر الشهيد" وضاح اليمن " .. أصابعهم على زناد البنادق والرشاشات والأحزمة الناسفة, جاهزون للقراح في أي وقت مع أنهم ليسوا "مافيا " ولا "مرتزقة" بل مؤمنون يؤدون الفروض الخمسة ويصومون ويحجون وهم بعد ذلك مشاريع شهادة يَقتلون ويُقتلون دفاعاً عن النفس والأرض والعرض.
وكأنهم بارجة حربية عبروا السايلة بصنعاء فوق عشر سيارات مفخخة يرافقون رجلاً مهما أو مهموماً,لا فرق .. لاشرطي يستوقفهم ولا دورية أمن تعترضهم ولا سائل يجرؤ على سئوالهم من أين وإلى أين ؟
سألت أحد الوافقين على الجسر واسمه حمود وهو يتأمل سيل السايلة : من الأخ "المحروس" قال العلم عند الله, ياذاك معه سلاح ثقيل ومتوسط وخفيف هذي مظاهر مسلحة ؟ من قال !!هي للزينة, طيب هل كان هذا موكب الرئيس ؟ لا, موكب " الزعيم " ؟ لا، إذاً السفير الأمريكي ؟ لا ولا البريطاني ؟ قلنا لك لا، أكيد بن عمر، ولا بن عمر، يارجال سألتك بالله قلي لي من هو ؟ شخصية وطنية ياحمار!
الآن فهمت، مادام من قلت عنه كذلك فإن من يحرسونه هم حماة الوطن إذاً هو الوطن بشحمه ولحمه مر مرعوباً من السايلة ؟ ومم يخاف ؟ ربما مني ومنك.. لماذا كلما زاد حُماة هذا الوطن زاد خوفاً ، وكلما زاد تسليحاً زاد موتاً، وكلما زاد أثرياءً زاد فقراً، وكلما زاد ساسةً وعلماءً زاد جهلاً وغباءً, وكلما زاد قضاةً زاد جوراً وظلماً, وكلما زاد قناديل وشمعاً زاد ظلمة ًوغدره.
لقد عرفت وربما متأخراً أني ومن هم على شاكلتي لسنا وطنيين ولو قيست درجة الوطنية فينا لكانت صفراً ، ما الذي ينقص هذا العبد الحقير ليكون وطنياً أو حتى مواطنا من الدرجة الثالثة, ذلك المحروس الخائف أنا أحق منه بالحراسة, فأنا أكثر خوفاً منه, بل أني أخاف من ظلي ورنة جرس هاتفي وأخاف من عيالي, كما أني ـ ومن خلقني ـ أخاف من أفلام الكارتون وأغاني طيور الجنة ونشرة أخبار التاسعة وإعلانات سمن وصابون بلادي، وقد أسقط مغشياً علي لو اتصل بي مجهول من رقم محظور, وقبل ذلك أنا رمز من رموز الذلة والمسكنة لا أنام إلا بحبوب مسكنة ولا أستيقظ إلا بمنبهات ومشروب طاقة.
ألسنا وذلك المحروس أمام الدستور والنظام والقانون سواء ؟ فأين المساواة، إذا كان القانون فوقنا وهم فوقه, والنظام تحتهم ونحن تحته!!, والله إن فينا من الصفات والخصائص ما يجعلنا أجبن خلق الله وأذلهم على وجه الأرض, وفينا قابلية للفساد ما يجعلنا ملوثين بفيروساته, بل سنكون طغاة لو أتيحت لنا الفرصة ولن يكون بإمكان أحد حصر ضحايانا .. وعهداً منا لنجعل من كل حارة في صنعاء" حصبة 2011م " " ومعجلة 2009م " وفي كل شارع مشرحة وفي كل ساحة جمعة كرامة, وفي كل بيت يتيم وأرملة, ألسنا مؤهلين خوفاً ورعباً وهماً وغماً لنكون "مهمين " لا مهمشين فنحاط بالحرس والعسس؟
نحن نؤدي واجباتنا المدرسية والمنزلية وندفع فواتير الكهرباء والماء والصرف الصحي وإيجارات البيوت .. يا جماعة أنا عند الله وعندكم اعتبرونا طيورا في محميات طبيعية وامنحونا حق الحماية من الضباع والنمور وآكلات اللحوم وناهشات الدهون والشحوم.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 04:22 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-6662.htm