صعدة برس - فــكـري قـــاســم
من الغباء أن يتحدث البعض عن تشجيع الإبداع وهم يريدونك منهكاً بلا قدرات فنية أو ذهنية، بل بقدرات "جمل" قادر على تحمل "الجعث" والجوع والعطش.
أو يريدونك مبدعاً بقدرات "زرافة" لا صوت ولا صورة كمان!ياسااااتر.
"نيرون" الطاغية الموتور أحرق روما ليستلهم من منظر النيران شيئاً يجعله يتأثر ليكتب قصيدة شعر.. بينما كتابة الشعر في بلادنا لا تحتاج لأكثر من شوية "قات"! وعلبة سيجارة، واعرفوا ديوان شعر من هذا الرأس، وليس مجرد قصيدة واحدة. هكذا يعتقد كبار القوم حين يقللون من قيمة الإبداع.
* المبدع هُنا لا يحتاج أن يحرق مدينة لأن حياته تبدأ وتنتهي يومياً بـ(حريق دم)مستمر. ربما لهذا السبب نحن أُمم أفضل مبدعيها تأتي تأشيرة نجاحاتهم من خارج الحدود في الغالب.. نعود لعمنا (نيرون) فبرغم ثروته وكتائب العسس وكل قاذفات المنجنيق التي كانت في يده، إلا أنها عجزت أن تصنع منه شاعراً، ولو حتى بحجم صديقي الذي كان يكتب شعراً خبيص ليقرأه في الإذاعة المدرسية كل صباح، ويجعلنا نكره -ليس الشعر فحسب- بل حتى تحية العلم.
بيد أن حماقات "نيرون" استطاعت وببراعة أن تصنع منه مادة للتسلية والضحك. تماما كما شاعر طابور الصباح.. أقول طابور الصباح، وليس"طاغور"شاعر الهند العظيم. ركزوا جيداً.
حالة نيرون تشبه تماماً حالة كثير من القائمين على مراكز الإبداع حينما تعجز سلطتهم أن تصنع منهم قادة رأي يظلون طويلاً في الذاكرة. بينما سخافاتهم تحولهم بامتياز إلى مادة لـ(الحشوش) في الطواريد!
هؤلاء بجد يستحقون الشفقة.
* الفارغون لا يستطيعون نهب الإبداع، لكنهم عباقرة جداً في نهب ثمنه وتطفيش أصحابه الحقيقيين.
والبلاد التي لو زرتها ورحت تبحث عن عظمائها داخل دليل الهاتف، تأكد أنها تنمو فوق رؤوسٍ قمة في البلادة والغباء؟!
أي إبداع إنساني ونبيل لا يمكن له أن يصير غزيراً وفعالاً وهو محاصر بعقليات سمجة ومقفلة ما من مهمة لديها غير مراقبة كل من يحمل في عقله وقلبه وروحه ثمرة الإبداع، فيبتلعوه سريعاً ـ بوعي أو بدون وعي المهم "يدقدقوا أبوه" قبل أن يكبر،لأنه حتماً سيكبر على حسابهم؟!
* في أحسن الأحوال ستجدهم ينسفون قدراتك وينهكون أفكارك ويدمرون طاقتك ويحاصرونك بلقمة عيشك وحليب أطفالك حتى إذا ما كبرت تكبر فارغاً مثلهم.. ويبدو الوطن في النهاية أشبه بعلبة فارغة يمكن ركلها في الطريق ؟! |