- حكاية بياترس فيلبس..!!

السبت, 08-ديسمبر-2012
صعدة برس -
عبداللَّه الصعفاني
* بياترس فيلبس إيطالية في الأربعينيات من عمرها تقول في مقابلة لها نشرتها مجلَّة «الطيران» الصادرة عن القوَّات الجوِّية : اليمن أفضل بلد في العالم.
* استلفت نظري هذا العنوان وغيره ممَّا جاء على لسانها.. فأخذت المجلَّة من يد زميلنا الإعلامي المتميِّز خالد علي عمر لأقع تحت مطارق الدهشة.. وفي التفاصيل لهذه المرأة الإيطالية حكاية جديرة بأن تروى لتكون مثلاً على جلافتنا ورقَّة نظرة الآخرين إلى اليمن الأرض والإنسان.. البشر والعمار.
* رغم كل ما يعتمل في اليمن وما يقال عنه قرَّرت فيلبس أن تعيش في اليمن، وأن تبلور عشقها في السكن داخل صنعاء القديمة حبَّاً للمدينة التاريخية وعمقها الحضاري والإنساني، لكن الأشقياء راقبوها.. وعلى مقربة من منزلها في صنعاء القديمة فوجئت بِمَنْ يهاجمها ويوسعها ضرباً ليرتطم رأسها بالجدار قبل أن يتم الاستيلاء على حقيبتها وما تحتويه من جهاز اللابتوب والهاتف السيَّار وجواز السفر وبعض الأوراق.
* في غدوّها ورواحها كانت فيلبس، العاملة مديراً تنفيذياً لإحدى الشركات السياحية، تراهن على أخلاق الناس وشهامتهم.. غير أن أحداً لم ينقذها من الاعتداء بعد أن ساد مصطلح «وأنا مالي» وانتعش حزب «يسدُّوا».. ومع ذلك لم تتزعزع ثقتها بأن اليمن -حسب ما صرَّحت به عقب الاعتداء- هو أفضل بلد في العالم.
* تقول الإيطالية بياترس فيلبس: الذين اعتدوا والذين تفرَّجوا لا يمثِّلون الشعب اليمني.. والمسائل نسبية داخل كل مجتمع، ولذلك لم يغيِّر الحادث من نظرتها لليمن حتى وهي تفكِّر في مغادرة البلد بضغوط شديدة من عائلتها.. هكذا قالت!!
* والحقّ أن الاستماع إلى حكاية هذه المرأة الإيطالية، محبَّتها لليمن قبل الاعتداء عليها وبعده، يوقعك تحت مشاعر ذلك الذي وخزوه بحزمة من الإبر الصينية بعد أن دلقوا على رأسه «تنكة» من الماء الساخن!!.
* وأمَّا بعد الدعاء بأن يحفظ اللَّه عقولنا ويحفظ لنا ما تبقَّى من الانتماء إلى هذه البلاد التي ينظر إليها ضيوفها باحترام ونتعامل معها بالجفاء وسوء الطباع.. فإن ما يجب أن يسبق أيّ كلام وأيّ حوار وأيّ خلاف هو العمل على الفوز بمعركة التحدِّي الأمني.. وكما أن الأمن حقٌّ من حقوق المواطنين فهو حقٌّ أكبر من حقوق ضيوف البلد، خاصَّةً بعد الذي صار ويصير من تسجيل الكثير من الجرائم ضدَّ مجهولين، العنف جزء أصيل من تكوينهم النفسي.

* وفي الذي حدث للضيفة الإيطالية المحبَّة لليمن وأهله ما يستنفر السؤال حول الدور الإيجابي للمواطن في الحد من الجريمة بالإبلاغ عنها حتى لا يتحقَّق فينا القول : «المجتمع غير موجود».. أو كما قالت مارجريت تاتشر.

* والخلاصة أنا حزين لما تعرَّضت له هذه المرأة.. وحزين من المتفانين في صناعة الفزع العام.. وحزين من كثرة ارتفاع آهات وزفرات المظلومين والمظلومات.. وجميعنا مطالبون بأن نحزن ونقلق من هذه الممارسات المنفِّرة التي تتم بعدوانية الإنسان البدائي وحرامية التأكيد القائل : لقد سار من كل شيء أحسنه.. حتى من القتلة واللصوص.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:23 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-8511.htm