صعدة برس-متابعات - بدأت الولايات المتحدة الأمريكية خطواتها الأولى في الطريق إلى إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية في اليمن، بالشراكة مع الحكومة في صنعاء، وبالتزامن مع مساعي إعادة توحيد الجيش وتجاوز الأزمة السياسية.
وفد عسكري أمريكي، يزور اليمن حاليا، قام أمس الثلاثاء بزيارة الأكاديمية العسكرية العليا في صنعاء، رفقة عدد من أعضاء لجنة الشؤون العسكرية، وذلك في سياق الترتيب بين العسكريين اليمنيين والأمريكيين لوضع استراتيجية لإعادة بناء القوات المسلحة وإعادة الهيكلة.
وطبقا لوكالة الأنباء الحكومية "سبأ"، فقد تم التطرق خلال الزيارة إلى الدور الذي ستلعبه الأكاديمية باعتبارها مرجعية أساسية في إعادة تنظيم وهيكلة القوات المسلحة التي ستتم خلال المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية.
وخلصت الزيارة إلى أن الأكاديمية ستقوم بتشكيل فريق عمل أكاديمي لوضع خطة ورؤية شاملة حول تنظيم وتحديث وتطوير القوات المسلحة وطرق انتشارها وإعادة هيكلتها، وبالاستفادة من الدراسات والبحوث التي أعدت في هذا الصدد.
رافق الوفد الأمريكي العقيد وليم مولي مدير مكتب التعاون العسكري الأمريكي بصنعاء، والملحق العسكري الأمريكي، ومن اللجنة العسكرية اللواء الركن رياض القرشي، والعميد الركن ناصر الحربي، والعميد الركن عبدالرقيب ثابت، والعميد الركن عبدالعزيز الشميري.
واستمع الوفد من رئيس الأكاديمية اللواء الركن عبد ربه القشيبي، إلى شرح مفصل عن تكوينات الأكاديمية وما تحويها من كليات عسكرية تختص بإعداد وتأهيل القيادات العسكرية والإدارية بمختلف مستوياتها.
وكان الوفد الأمريكي عقد أمس الأول، الاثنين، اجتماعا مع اللجنة العسكرية بحضور السفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فايرستاين.
وطبقا لخبير في علاقات اليمن الدولية، تحدث لـ"الأولى" مساء أمس، فإن مهمة الوفد الأمريكي، الذي لم يعلن حتى الآن من قبل الحكومة اليمنية أو السفارة الأمريكية عن قوامه ومن هم أعضاؤه، تتصل على الأرجح ببدء وضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لإطلاق عملية إعادة بناء الجيش اليمني كجيش "محترف".
وأوضح، طبقا لمعلومات لديه، أن المرحلة الآن هي مرحلة إعداد التصورات والخطط، وسيشمل ذلك عقد ورشات عديدة بين عسكريين يمنيين وأمريكيين، مهمتها إنتاج استراتيجية نهائية يتم على أساسها بناء الجيش الجديد. لافتا إلى أن عملية إعداد الاستراتيجيات قد تستغرق أشهرا طويلة، بينما إعادة "البناء" نفسها فقد تمتد لسنوات "وربما لجيل عسكري كامل" نظرا "للواقع المعقد الذي يعيشه الجيش اليمني، وطبيعة الكيانات العسكرية المتعددة بداخله".
وأشار الخبير إلى أن زيارة الوفد الأمريكي تأتي كواحدة من مخرجات زيارة رئيس هيئة الأركان العامة اللواء أحمد الأشول، إلى واشنطن، في مارس الماضي، بصحبة عدد من القيادات العسكرية اليمنية، وهي الزيارة التي كانت "الإيذان الأول" بإطلاق مهمة بناء الجيش اليمني.
ولا تهتم واشنطن لفكرة إعادة الهيكلة كما يقدمها الصراع السياسي القائم في اليمن، والتي تعني إزاحة بعض القيادات العسكرية من مواقعها فحسب، كعلي محسن الأحمر، قائد الفرقة، وأحمد علي صالح، قائد الحرس الجمهوري، وبقية أقاربهما، بل تخطط لإعادة كاملة لبناء المؤسسة العسكرية والأمنية برمتها على الصعيد الهيكلي، وعلى صعيد العقيدة القتالية.
ويتوقع مراقبون أن تصطدم المهمة الأمريكية بعدد من العراقيل؛ أولها الانقاسامات العسكرية التي ستظل عالقة داخل الجيش حتى لو ذهب رأسا الصراع (محسن، وأولاد صالح)، باعتبار أن عمليات التغيير الأخيرة التي يتم إجراؤها في المناصب العسكرية المتقدمة والمتوسطة، تتم عبر اختيار بدلاء هم في الواقع حلفاء لطرفي الصراع، إذ إن الشخصيات العسكرية التي تم إحلالها مؤخرا في مواقع قيادية يدين كل واحد بينهم بالولاء لطرف من طرفي الانقسام العسكري، وهو ما يعني بقاء الانقسام لأمد طويل.
وبين العراقيل المحتملة تمويل عملية إعادة البناء هذه، حيث إن بناء جيش من جديد يتطلب موارد مالية هائلة لا تستطيع دفع كلفتها خزينة الحكومة اليمنية، كما أن الولايات المتحدة لا تقدم دعما ماليا كبيرا لعملية كهذه رغم أنها تجدها أولوية من أولويات مصالحها في المنطقة.
وتراهن واشنطن على الدول الخليجية لتمويل عملية إعادة بناء الجيش، وتمارس، طبقا لمصادر سياسية، ضغوطا مستمرة على عواصم خليجية، في مقدمتها السعودية، لتخصيص مبالغ طائلة ضمن منحها للحكومة اليمنية، لمصلحة المشروع الأمريكي لبناء الجيش.
|